المقالات

المناصب تغيّر بعض البشر

المناصب تغيّر بعض البشر
عبدالرحمن سراج منشي

[JUSTIFY] عجباً لبعض بني البشر ما إن يتولى الواحد منهم منصباً مرموقاً في إحدى الادارات التي تُعنَى بشؤون الناس حتى يُسدِلُ الستائر والحجب على مكتبه ويتوارى عن الأنظار، وينتقي سكرتيراً يجيد المراوغة والدهاء لتصريف المراجعين ولا يسمح بدخول أحد إلى صومعته إلاّ إذا كانوا مهنئين من المعارف والأحباب ليعرض عليهم قصة كفاحه المرير الذي أوصله إلى هذا الكرسي الوثير، ونسي هذا المسكين أن هذا الكرسي يغتال من يمتطي صهوته فرياحه عاتية فقد أطاحت بهامات مَنْ كان قبله من المسؤولين. فالدنيا غرارة خدَّاعة. إذا حَلَتْ أوْحلت، وإذا كست أوْكست، وإذا جلت أوْجلت. ونحن نهمس في أذن هذا المسؤول ومن على شاكلته بأنك لم تُرشح لهذا المنصب إلا لخدمة الناس وقضاء حوائجهم فيما يخص إدارتك، فإنَّ تولي المناصب تكليف أكثر مما هو تشريف، ليت كل مسؤول يعلم حقيقة هذا الأمر. إن التشريف يزيد وينقص وربما يتلاشى، والمعيار الحقيقي للتشريف هو ما يقدمه المسؤول من جهود لخدمة الناس بمختلف طبقاتهم وجنسياتهم وتذليل العقبات التي تواجههم وحل مشكلاتهم وتقبل وجهات نظر الآخرين والأخذ بأحسنها بما تقتضيه المصلحة العامة، وبذلك ينال كل مسؤول مخلص شرف المنصب وتحظى جهوده وإنجازاته بالرضا والقبول بإذن الله في الدنيا والآخرة، وهذه الأمنية لا ينالها إلا المخلصون ونحمد الله عز وجل بأن بلادنا فيها من هذه النماذج المشرِّفة. وأما أولئك الانتهازيون الذين يتخذون من مناصبهم سلماً يرتقون عليه لقضاء مصالحهم وحوائجهم دون بذل أي جهد يُذكر لرفع مستوى الأداء للعاملين في إدارتهم والعمل الجاد لتذليل العقبات وتقديم أفضل الخدمات للمراجعين.

فهذا الصنف من المسؤولين ماتت ضمائرهم وطغت عليهم الأنانية وحب الذات فلم يستشعروا بعظم المسؤولية التي على عواتقهم، فسوف تكون هذه المناصب حسرة وندامة عليهم في ذلك اليوم الموعود يوم لا ينفع مال ولا بنون:
وأخيراً: فكم من ميت هو حي بأعماله، وكم من حي هو ميت بتقصيره وإهماله!.
[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى