وزارة الصحة ذلك الكيان الكبير الذي تتعدد مهامه وتتنوع إمكانياته وتنتشر خدماته لتشمل مختلف أرجاء هذا الوطن الكبير, وتكبر ميزانيته التي تقدر سنويا بما يزيد عن 7% من الدخل السنوي العام, إلا أن ذلك لا يجد تقديرا إيجابيا من قبل المستفيدين من هذه الخدمات , وعلامات الرضا لا تظهر على وجوههم , وقلما تجد أحداً من هؤلاء يجذبه الحديث بإيجابيه عن هذا الكيان !, خصوصا عن المستشفيات المتواجدة في كل مدينه , والمراكز الصحية التي تغطي خدماتها كل قرية !, فهل هناك أسباب تفسر هذه الظاهرة المتجذرة عند الغالبية !.
-يرى الكثير من المهتمين بهذا الأمر أن ذلك الفشل في تحقيق رضا العملاء والمستهدفين بهذه الخدمات يعود أساسا إلى جملة من الأسباب التي عجزت الأنظمة القائمة حاليا على اجتثاثها , فهي تمثل تاريخا متراكما من تجارب إداريه غير ناجحة , وانظمه قديمه أكل الدهر عليها وشرب !, وتراكمات لمشاكل تركت دون حل !.
-كما أن كل محاوله لتجديد الدماء في الإدارات والأقسام المعنية قد ينتج عنه مجددا عمليات غير نظاميه ! وإعادة تدوير لأعمال الفشل السابقة ! مما ينتج عنه –غالبا – استمرار المشاكل المرتبطة بهذه الخدمات !.
-فتدوير المناصب وإعادة تموضع القياديين أنفسهم في مواقع لا تقل أهمية عن سابقتها , بالإضافة إلى كونهم – في نظر العامة – من الأسباب المنطقية لأوجه القصور والفساد في الإدارة, كل ذلك يدعم النظرة السائدة لدى المواطن العادي بأن الفساد قد انتقل من قسم إلى آخر ! وما تم استئصاله من موقع تم زرعه في موقع آخر !.
-ويسمع الناس كثيرا عن عقود طبية وغير طبية تتعثر غالبا عند تنفيذها , مع كثرة المستفيدين منها, وما درج عليه العرف العام عند التنفيذ , من انعدام مثالية الرقابة عليها, وما تشمله من مواصفات ومقاييس لا يكاد يفهمها القائمين عليها والمؤلفة قلوبهم!.
-ويلاحظ العامة من البشر أن القدرة الإستيعابية للمستشفيات حاليا لا تتماشى مع النمو السكاني ونسبه المعروفة من منتسبي إدارات تحمل أسماء رنانة : تخطيط ,متابعه, ميزانيه , تطوير ,إحصاء ,تدقيق, لجان , صاحب صلاحية , مستشار , مجلس صحي,,, إلى آخره….
وليس بمستغرب من أحدهم عندما يصاب بطاريء صحي أو احد معارفه أن يبادر بكل قوة إلى إمكانية النقل إلى أحد المستشفيات الكبرى خارج نطاق وزارة الصحة ,لإعتقاده بجودة خدماتها وتميزها عن نظيراتها في الوزارة ,وتراه يبذل كل الجهود ويحرك ما يمكن أن يتحرك من شفاعات وواسطات لنقله من ذمة وزارة الصحة .
-كما أن انتظار المرضى الذين يتطلب وضعهم الصحي التنويم لعدة أيام في غرف الطواريء الضيقة حتى توفر سرير شاغر , أصبح من الظواهر المتنامية في الكثير من المستشفيات !.
-ومع كل عملية تغيير في المواقع الإدارية الخاصة بالخدمات الصحية , يتبادر إلى الأذهان ظهور المنقذ (السوبر), وحلال العقد لهذه النكبات !, وتعلق عليه آمال ممكنه وغير ممكنه !, لينكشف بعد مخاض عسير وجولات وصولات أن لا شيء من ذلك تحقق !, وأنه ( كلما أتت أمة لعنت أختها !) , ولم تكن الوجوه الجديدة بأفضل حالا من سابقتها ! , وتدور الدوائر , وتاتة أمواج وتذهب أمواج, والحال هو الحال !.
-كما أن مستوى الخدمات لم يتطور-عامة- مع تحسن الوضع الإقتصادي العام, وزيادة المخصصات المالية لهذا القطاع من الميزانية العامة للدوله !.
-يقول [COLOR=crimson]الدكتور غازي القصيبي [/COLOR]في مظهر يميز تجربته الإدارية ” بدأت عهدي في وزارة الصحة بداية مدوية , بدأت بزيارة مستشفى دون إنذار مسبق …. كانت الأوضاع مزرية , نوافذ بلا زجاج , طاولات الكشف مغطاه بالصدأ…. كلما سألت المدير عن شيء قال لي ” لا توجد نقود “. في مكتب المدير وجدت طقم مفروشات فخم لا تقل قيمته وقتها عن 20 ألف ريال . قلت ” كيف وجدت المبلغ لشراء هذا الطقم , ولم تجد ألف ريال لإصلاح النوافذ”!!!.
[ALIGN=CENTER][COLOR=green]الدكتور عبدالعزيز الزهراني[/COLOR] للتواصل : drabuomer@yahoo.com[/ALIGN]