أنا معلمة
هدى اللحياني
هنيئا لك إن استمر عملك بعد انقطعت أعمال البشر، هنيئاً لك إن كنت ممن عناهم النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا لثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” رواه مسلم.
كم مقدار السعادة التي تسير معك في طريقك إلي بنايتك وتدخل معك إلي قاعة الدرس، وتنظرين إلي أعينهم، إحداهن تطلب الأمان والسكون الذي فقدته في ظل أبوين منفصلين، وأخري تحمل نظرة اليتم في مقلتيها، تشكو من فقد أم حنون أو أب رؤوم، وأخرى تأتي إلي المدرسة مثقلة بمشاكل أسرتها، وأخرى تشكو من قسوة زوجة الأب، جميعهم عطشى للمسة حانية ونظرة متفهمة من مربي مشفق حنون تتبعه بنظرها ويروي عطش قلوبهم قبل عقولهم.
مهلا أيتها المعلمة… فقاعة الدرس لا تزال تزخر ببنيات أخريات؛ فهناك التي تبوأت عرش قلوب والديها يرون الدنيا بعينيها قد تجدين منها أحيانا ثقة مفرطة في بعض المواقف فهذه تحتاج فقط ترشيد منضبط وتحويل إيجابي لمسار الأمور، وقد تأتيك طالبة تشكو من عوز مادي، وقد تأتيك وقد تأتيك… وما عليك أيتها الأم المربية إلا إحتواء هذه النماذج- بعين وقلب وفكر المربي الواعي- من بنياتك ليستمر عملك الصالح بعد مماتك كالنهر الجاري الذي تنعمين به إلي أن تلقي الله تعالى وقد تضاعف عملك إلي أضعاف كثيرة، هنا ستقولين هنيئا لك أيها المعلم.
وأخيرا أيتها المعلمة إن كنت ممن ترجو بعملها التربوي وجه الله، ولم تجد أثر ذلك فراجعي نفسك، يقول ابن القيم: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحا فاتهمه فإن الرب تعالى شكور” يعني أنه لابد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول”[/JUSTIFY]