دأب الإعلام الغربي في الآونة الأخيرة على تشويه بعض معالم دين الإسلام وتصوير أتباعه كشرذمة إرهابية متطرفة تُهدد السلام العالمي والأمن القومي للغرب، وتتوالى المحاولات تلو المحاولات لاستفزاز عامة المسلمين وازداد الأمر سوءًا في نيل الصحف الغربية أو بعضهـا من رموز الإسلام وقادته، والتسلق على أكتاف العظمـاء بحثًا عن الشهرة والإثارة وكان من آخر تلك المحاولات الإساءة إلى أعظم قائد عرفته البشرية ورسول للإنسانية.
ولاشك إن الجهل بعظمة النبي صلى الله عليه وسلم هو سبب التطرف الإعلامي الغربي وعدم معرفتهم وفهمهم لدعوته وسيرته التي تدعو للحب والتسامح ومكارم الأخلاق والتعايش مع أصحاب الديانات المختلفة واحترام رموزهـا وقادتهان وكل ما يمت لقيم الإنسانية العادلة والدعوة للسلم والسلام وعدم مقابلة العنف بالعنف، بل بالعفو والصفح ولين الفعل والكلمة يشارك في هذه الجريمة طوائف متطرفة تنتمي للإسلام تصور الإسلام بأفعالها الإجرامية كدين عنف وتسلط وظلم وإرهاب وللأسف يتم تسليط الضوء في الإعلام الغربي على تلك التصرفات الطائشة التي كان آخرهـا التعدي على مجلة فرنسية نشرت صورًا مسئية للنبي العظيم الكريم بأسلوب همجي باستفزاز صحفي مخالف للمهنية باسم الحرية المزعومة، ثم التنصل من تبعات ذلك وتقمص دور القتيل المظلوم.
لاشك إن مقابلة العنف بالعنف ليس من أخلاق النبي ولا تدل عليه سيرته العطرة، بل إن الهدي النبوي يدعو لمقابلة العنف والشتيمة والإيذاء بالتي هي أحسن وكم تعرض النبي صلى الله عليه وسلم لأصناف التعذيب وألوان الإيذاء هو وصحبه الكرام على مدار تاريخ الدعوة ولم يُعرف إن النبي صلى الله عليه وسلم انتقم لنفسه قط أو حرّض أتباعه على الانتقام رغم شديد المعاناة وعظيم الإيذاء خصوصًا في الفترة المكية، ومع ذلك كان يأمر بالسلم ويدعو إلى الصبر وعدم مقابلة الأذى بمثله، بل بالعفو والصفح وما الهجرة من مكة إلى المدينة إلا صورة من صور الصبر ومقاومة الإيذاء بالبعد عن مواطن الفتنة والعنف وكف الأذى .
يمكن فهم نشر الصحف الغربية لا سيما الصحيفة الفرنسية عداءً واضحًا للإسلام والمسلمين، ولكن لايمكن تمرير استفزازهم للمسلمين وجرح مشاعرهم في نبي الإسلام وتصويره بصور شتى قمة في الإساءة والسفاهة والاستهزاء، وليس ذلك من الحرية إن الشتيمة ليست حرية مبررة مهمـا كانت دواعيهـا وأهدافهـا ولا قيمة من قيم الديمقراطية المزعومة ولها أن تتفهم مشاعر الغضب عند المسلمين في أقطار العالم وتداعيات ذلك على الحرية الدينية وسائر الحريات التي تتبع ذلك لا سيما حرية الإعلام والكلمة.
ويعد نشر الصحيفة شارلي في عددها الجديد ثلاثة ملايين نسخة سيعود مما لا شك فيه بشكل إيجابي على المسلمين وأعتقد إنه سيساهم في نشر الإسلام لأبعد مدى، وسيقبل على الإسلام والتعرف على السيرة النبوية ملايين من الفرنسيين وغيرهم أضعاف أعداد الصحيفة وذلك من نصر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وإرغام عدوه المسيء له كما جاء في قوله تعالى : ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾، ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ﴾.