المقالات

حجز السيارات والمزدلفة لا تكفي

حجز السيارات والمزدلفة لا تكفي ..
طارق عبدالله فقيه

[JUSTIFY]لا يعاني سكان مدينة من مدن بلادنا العزيزة كما يعاني سكان مكة المكرمة من ندرة الحدائق العامة وأماكن التنزه العائلي والترفيه .

ومع إجازة نهاية كل أسبوع تجد عوائل مكة نفسها في حيرة من أمرها بحثاً عن متنفس لأبنائهم وأسرهم , فإما أن يؤمموا بوجيههم نحو مدينة جدة ، وإما أن يتوجهوا إلى مدينة الطائف بحثاً عن أماكن للتنزه والترفيه , وتلبية لإلحاح أطفالهم المشروع بعبارتهم المتكررة ” بابا مشينا ” .

ومن كانت قدراته المادية من الأهالي لا تسمح ، أو كانت وسيلة مواصلاته لا تساعد على قطع هذه المسافات , فليس له سوى أن يختار بين : حجز السيارات والمزدلفة إذ هما الخياران الوحيدان للترفيه عن الأسر المكية.

وحجز السيارات لمن لا يعرفه هو عبارة عن موقف مخصص لوقوف سيارات المعتمرين والحجاج في موسمي رمضان والحج , وهو ليس سوى أرض فسيحة مسفلتة بها إنارة ودورات مياه تحتاج متابعة ونظافة ، ولا علاقة لهذا الحجز بأماكن التنزه أو الترفيه العائلي ، فلا أشجار مثمرة أو غير مثمرة ولا مسطحات خضراء طبيعية أو صناعية ولا ألعاب أطفال ولا تنظيم ولا نظافة مستمرة .

ولأن الحاجة أم الاختراع كما يقولون ، ولأننا شعب نحسن الاستفادة من قارورة الجبن الفارغة ونحولها لكأس شاهي ، ونملأ علبة الملح الفارغة بصابون الغسيل ، استطعنا في مكة ” مكره أخاك لا بطل ” أن نستخدم حجز السيارات في غير مواسم رمضان والحج عدة استخدامات لا تمت للغاية التي أنشيء لها الحجز بصلة .

وعلی سبيل المثال لا الحصر تجد هواة رياضة المشي مثلاً يمارسون فيه رياضتهم , وهو أيضاً مكان لتنزه العوائل ، ولتأجير الدبابات ذات الأربع عجلات ونعلم جميعا خطورتها وما تصدره من إزعاج ، وهو أيضاً مرتع لتأجير الحيوانات كالجمال والخيول والبغال والعربات التي تجرها الحيوانات ، ويقوم بعض الآباء بتعليم أبنائهم قيادة السيارات فيه ، وهو كذلك مقر للأسواق المتنقلة المعروفة باسم ” سوق الخيمة ” .

كل ما ذكر وأكثر تجده في حجز السيارات ” حدائق أهل مكة ” في فوضى عارمة ، وغياب للنظافة والتنظيم . تتأذى فيه الأسر من مرور المشاة أمامهم ، وخطورة الدبابات على أبنائهم وجلساتهم ، وتأثير “روث ” وقاذورات الحيوانات على صحتهم ، ناهيك عن خطر حركة السيارات داخل الحجز إما لتعلم القيادة أو للاستعراض من بعض الشباب هداهم الله .

وليس الخيار الثاني وهو المزدلفة بأفضل حالاً من الخيار الأول ، فمع المشاريع الكثيرة التي تنفذ داخل مزدلفة ، أصبح هذا الخيار غير مشجع للأسر لصعوبة الوصول لأماكن مناسبة ، وهي في النهاية ليست سوى أرصفة وإنارة وهواء طلق مع غياب كامل لأي خدمات.

ومن المحزن جداً أن المطلع على دليل مكة السياحي المنشور على شبكة الأنترنت يجد أن الدليل قد ذكر أن عدد الحدائق العامة بمكة هي سبعة حدائق وأسهب الكاتب في وصفها بكلام منمق وجذاب بما يشبه الحديث عن الحدائق السبعة المعلقة ومنها : حديقة الحسينية والمعلم والبحيرات والطفل والوفاء وغيرها , ويكفي أن تقرأ تعليقات القراء على هذه الحدائق ، لتعرف مدى معرفة وقناعة أهل مكة بهذه المسماة حدائق عامة ، وهي يقيناً لا ترتقي مجتمعة لمستوى حديقة من الحدائق التي شاهدناها في الرياض أو جدة أو الدمام أو الطائف وأبها ، ولا تلبي حاجات سكان مكة وزوارها .

ومكة المكرمة حماها الله وهي الغنية بوجود بيت الله الحرام على أرضها وآثارها الاسلامية العظيمة ، إلا أنها تفتقر لحدائق عامة تليق بمكانتها ، وتظهر الاهتمام والرعاية التي تحظى به أقدس بقاع الأرض من لدن قيادتنا وحكومتنا أعزها الله .[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى