مستشفياتنا لا تكفي الحاجة
طارق عبد الله فقيه
لماذا كل هذا الوقت ولماذا هذا التأخير ؟
ألا يعلمون بأن خير الكلام ما قل ودل ؟
وهل من الضروري أن يقص المريض قصة حياته للطبيب ؟
وغير ذلك من النقد الهامس تسلي بها نفسك حتى يحين دورك .
وفي نفس الوقت تجهز أنت في زاوية من زوايا فكرك قائمة من الشكاوى التي تنوي سردها على الطبيب حال مقابلته ، وستنزعج من الطبيب إن لم يمنحك الوقت الكافي لسماع قصة مرضك بالتفاصيل المملة ..
وبعد نهاية لقائك بالطبيب عليك أن تعيش مراحل جديدة من الانتظار سواءً في المختبر لاجراءالتحاليل المطلوبة أو في قسم الأشعة ، فستجد قبلك الكثير من المنتظرين ، وعليك أن تجلس بكل هدوء بجوارهم وتتحلى بالصبر وتستجمع هدوءك إن لم تكن قد فقدت معظمه عند كاشير الدفع في المستشفى الخاص على أنغام طابعاتهم ، والتي تشعرك بأنها منشار كهربائي يصول ويجول في عظامك ليخرج نخاعها على هيئة نقود ، وعليك أن تبتسم وأن تدفع هذه المبالغ الجبارة للحصول على العلاج ، فهذه المستشفيات إما أنها لم تسمع بأن المال عديل الروح ، أو سمعت وهي تقايضك إما المال أو خروج الروح !!
وأن تكون أكثر صبراً وتحملاً عند مكتب المواعيد في المستشفى الحكومي ، حيث أن الموظف المختص متغيب والموظف الثاني مستأذن ، والثالث قيل لنا سيأتي بعد قليل ولا يأتي !!
وأخيراً كن حامداً شاكراً كونك حصلت على موعد جديد للمراجعة قد يكون حولي أو نصف حولي ، لا يهم ، المهم أن تصمد وتتمسك بالحياة حتى يحين موعدك القادم !
أما الإنتظار المرير هو بقاؤك في قسم الطواريء للبحث لك أو لمريضك عن سرير ، فهذه لا يجدي معها إلا صبر أيوب ، ودعاءه .
ألِفنا مناظر طوابير الإنتظار الطويلة في المستشفيات الحكومية ، حتى أصبح توجهنا لها عادة ما تسبقه محاولات حثيثة للبحث عن معرفة أو واسطة تسهل علينا تقليص أوقات انتظارنا ، وتساعدنا في الحصول على حقوقنا في الرعاية الصحية بطريقة أقل تعقيداً ، لكن ما لم يكن مألوفاً هو الازدحام الشديد في المستشفيات الخاصة الكبيرة ، فالهاربون من المستشفيات الحكومية بحثاً عن خدمة سريعة ومتميزة في المستشفيات الخاصة لن يجدوا مبتغاهم بالسهولة التي يعتقدونها ، خاصة بعد أن قامت معظم شركات القطاع الخاص بالتأمين الصحي على منسوبيها ، فلا المستشفيات الحكومية قادرة على مواجهة الزيادة الكبيرة في التعداد السكاني ، ولا المستشفيات الخاصة قادرة على تغطية التوسع الكبير في التأمين الصحي . وأصبح لجوء البعض للدول العربية القريبة منا بحثاً عن رعاية صحية جيدة بتكلفة معقولة خياراً اضطرارياً لا يمانع البعض في اللجوء إليه ، رغم مشقة السفر وعنائه ، وتعطل مصالح طالب الخدمة .
وحسب احصائية وزارة الصحة لعام 1431 هـ فإن 415 مستشفاً حكومياً و 127 مستشفاً خاصاً لا أعتقد أنها قادرة على مواكبة النمو السكاني السريع في بلادنا ،
وتلك الأعداد المهولة من زائريها حجاجاً ومعتمرين ، وتوسع القطاع الخاص في التأمين الصحي ، وانتشار بعض الأمراض الوبائية في الآونة الأخيرة والتي استنزفت قدرات وامكانيات القطاع الصحي وشلت حركته ، وأضعفت خدماته .
فهل نرَى ونلمس في قادم الأيام توسع في تشييد المستشفيات في مناطق مملكتنا مع القيادة الشابة الطموحة الجديدة للوزارة ؟ وفي ظل دعم لا متناه من قيادتنا وحكومتنا للقطاع الصحي ..
وهل سيقوم المستثمرون في القطاع الصحي بدورهم في افتتاح فروع لمستشفياتهم في المدن الأقل كثافة سكانية ، فليس من المعقول أن تتركز المستشفيات الكبيرة في ثلاث مدن فقط ..
نأمل ذلك ، ولننتظر أيضاً ونرَ ..[/JUSTIFY]