المحلية

لماذا قتلت جارك ؟!

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي خبر إقدام جار على قتل جاره، وقيل إنه ابن عمه، وكان ذلك في أحد أحياء مكة المكرمة، رغم حرمة الدم الحرام، والبلد الحرام، وحقوق الجار ذي القربى، والجار الجُنُب، والصاحب بالجَنْب .ورغم شناعة الجرم، الذي هو من الكبائر، إلا أن الأمر الصادم هو سبب الإقدام عليه، فقد قيل إنّ التعصب الرياضي هو السبب. وإذا صحّ الخبر؛ فإنّ التعصب الرياضي أيها السادة داءٌ ينتشر بيننا ونحن نتجاهله، غير مدركين خطورته؛ فإذا به يصلح أن يكون مبررًا لقتل الجار والقريب، وسيكون عذرًا مقبولًا لقتل البعيد، مالم نتدارك الدماء البريئة، من جناية العقول السقيمة .ولا شك أن هذا التعصب الرياضي لم يكن وليد ليلة وضحاها، بل كان نتاج زرعًا سيئًا سقاه الإعلام غير المسؤول، الذي يرى أن الإثارة هي وقود نجاحه، فكانت الأرواح هي حصاد ضرامه. كما يتحمل رؤساء الأندية، وبالذات الأندية الكبيرة وزر هذا التعصب، بما يظهرونه من حركات استفزازية أمام عدسات المصورين، وما يلفظونه من عبارات كلها استخفاف بالآخرين وانتقاص منهم، وتأليب عليهم .ولقد شاهدت في بعض القنوات التلفزيونية وبعد إحدى المباريات في دوري عبد اللطيف جميل مراسلًا تليفزيونيًا يجري لقاءً مع رئيس أحد الأندية الكبيرة، وعجبت من التجهّم والاستفزاز الذي يكسو وجه ذلك الرئيس، رغم فوز فريقه، إلا أنه يتحدث مع المراسل بشيء من الانفعال والتحدي، ويشعرك وأنت تسمع كلامه، وتقرأ تعابير وجهه، أنّ فريقه كان يُحارب فريقًا إسرائيليًا، وليس يلعب مع فريق من بلده، بل تشعر وكأن ذلك الرئيس قد خرج لتوّه من قيادة معركة عسكرية لم يهدأ غبار رحاها.

إن مثل هذا الظهور على هيئة المحارب، تغرس في عقول ووجدان غير الراشدين أسوأ معاني التعصب، وتصور الفريق المنافس وجمهوره بأنهم يهددون كيانهم راحتهم وسعادتهم، من هذا يتبين أن رؤساء الأندية ذات الجماهيرية الكبيرة هم المسؤولون عن هذه الظاهرة السيئة، وكذلك المبطلين لهم ممن حولهم من الجاهلين الذين لم يفقهوا بعد ما هي الرسالة الإعلامية التي يحتاجها مجتمعٌ تتلاطم أمواج الفتنة على ضفافه. ولا تنتطح عنزتان حول تأثير هذين السببين في تغذية التعصب ورفع رايتة الكريهة .ولذا؛ فإن منع رؤساء الأندية من التصريح لوسائل الإعلام، ومنعهم من الجلوس بالأماكن المخصصة للاعبين والإداريين داخل الملعب هو أحد الحلول، ويجب الاكتفاء باللقاء الصحفي الذي يجريه المدرب عقب كل مباراة، وفي ذلك الإجراء يخفف الضغط على الحكام ليقوموا بعملهم خير قيام، ثم على اللجان المختصة بِالانضباط واللجان الإعلامية المسؤولة عن مخالفات النشر عامة، وأن يطبقوا العقوبات الرادعة التي تحول دون تفشي ظاهرة التعصب، وعدم التهاون في ذلك، ولنا فيما حصل باستاد بورسعيد في فبراير 2012 وما حصل باستاد شرق القاهرة في فبراير2015 خير عبرة لنا ألّا يقع فينا مثل ذلك الأمر الشنيع، والعاقل من اعتبر بغيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى