المقالات

البدعة في عزل النساء عن الرجال في الطواف

البدعة في عزل النساء عن الرجال في الطواف
عبدالله فراج الشريف

[JUSTIFY] منذ أن تبرع أحدهم بمقترح مثل هذا؛ فاقترح هدم المسجد الحرام وإعادة بنائه علي شكل دائري وتخصيص أحد أدواره لطواف النساء بعيدًا عن الرجال، والاقتراحات تتوالى بمثل هذا، وكأن طواف الرجال مع النساء شيء مستحدث، مع أنه الأصل الذي عليه العمل منذ عهد النبي – صلي الله عليه وسلم- وحتي يوم الناس هذا، يطوفون معًا دون أن يفصل بينهم جدار أو ستار، بقي هذا على مر العصور ولم يجرؤ أحد أن يعزل النساء عن الرجال في أي لحظة من الزمان، ونحن في هذه البلاد كثير منا يحتج علينا بالترك فأي شيء مستحدث فيه خير للأمة يواجهه بأن هذا لم يفعله الرسول – صلي الله عليه وسلم- ولا صحابته ولا السلف الصالح ممن جاء بعدهم؛ فإذا رأى ما يهوي مثل هذه القضية ناقض نفسه وطالب بأن يفعل ما لم يفعلوا علي مر أعصارهم ولاخير فيما تركه خبر الناس من السادة الفضلاء نبي الأمة -صلي الله عليه وسلم- وصحبه الكرام وهم أتقي الناس وأكثرهم ورعًا علي الحقيقة، ولن يفوقهم أحد في هذا الأمر.

وقد ترجم الإمام البخاري لباب أسماه (باب طواف النساء مع الرجال) ومعلوم أن تراجم الإمام لأبواب كتابه الصحيح إنما هي استنتاج لأحكام يأخذها مما أورد تحته من أحاديث. فقد ساق تحته حديثًا يدل علي ذلك فقال : قال لي عمرو بن علي : حدثنا أبو العاصم قال ابن جريج : أخبرنا عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي -صلي الله عليه وسلم- مع الرجال، قلت : أبعد الحجاب أو قبل، قال : أي لعمري بعد الحجاب، قلت : كيف يخالطن الرجال، قال : لم يكن يخالطن الرجال، كانت عائشة -رضي الله عنها- تطوف حجرة من الرجال (بعيدًا عنهم) لايخالطهن؛ فقالت امرأة انطلقي نستلم ياأم المؤمنين، قالت : انطلقي عنك وابت، يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن إذا دخلن البيت (أي الكعبة) قمن يدخلن وأخرج الرجال، وكنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في جوف ثبير، قلت : وما حجابها ؟ قال : هي في قبة تركية لها غشاء وما بيننا وبينها غير ذلك ورأيت عليها درعًا موردًا.

وهذا الحديث يبين أن الرجال كانوا يطوفون بالبيت ومعهن النساء إلا أن أزواج النبي -صلي الله عليه وسلم- لم يزاحمن الرجال، وهذا ما يجب أن يكون عليه حال كل امرأة مسلمة، وعلى الرجال ألا يزاحموا النساء ما أمكن ذلك أما الفصل بينهما فلم يكن سنة أحد من السلف. وابن هشام المذكور في الحديث هو إبراهيم بن إسماعيل من نسل الوليد بن المغيرة المخزومي وهو وأخوه محمد كانا خالا هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي، وقد ولاهما مكة والمدينة وجعل إمرة الحج لإبراهيم، وقيل هو أول من حاول عزل النساء عن الرجال في الطواف وفشل ، وقيل إن أول من حاول ذلك الوالي لبني أمية علي مكة خالد بن عبد الله القسري، الذي كان واليًا علي مكة زمن عبد الملك بن مروان، ولكن الخطة لم تنجح وبقي الحال علي ما هو عليه كما هو اليوم، فأي خير لنا في الاتباع اتباعنا لسلف الأمة من الأبرار من الصحابة والتابعين أم غيرهم واليوم سعة المسجد الحرام لم تجعل لأحد حجة في مثل هذا ويمكن للنساء والرجال الطواف دون تزاحم؛ فلسنا ياقوم أكثر صيانة لأحكام الله منهم فهم قدوتنا فاربعوا علي أنفسكم ياسادة فالخير فيما كانوا عليه، ويكفي أننا منعنا النساء المساجد مع أمر رسول الله -صلي الله عليه وسلم- ألا نمنعهن الذهاب إلى المساجد والصلاة فيها كل الفروض، وكن يصلين معه في مسجده دون حائل من جدار أو غيره، ومنعناهن ذلك وإذا حضرن للصلاة في التراويح حشناهن لأضيق مكان في المسجد يدخلن مكانا مظلمًا لانافذة فيه وليس له سوي باب واحد؛ فلنرع الله فيهن فهن أخواتنا وأمهاتنا وبناتنا وعماتنا وخلاتنا وأزواجنا وهن شقائنا؛ فهل نفعل؟! هو ما أرجو والله ولي التوفيق.[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى