حسن محمد شعيب
انتهتْ قبل أيام احتفالية ثقافية كبرى بالعاصمة الرياض التي كانت مقصدَ عشّاق الكتب من داخل وخارج المملكة لأجل عين معرض الكتاب الدولي 1436هـ – 2015م الذي جاء هذا العام متوسعاً في دور النشر المشاركة التي جاوزت 900 دار نشر ومؤسسة وجهات علمية داخلية وخارجية تستظل بشعار المعرض “الكتاب تعايش” .
ولما كنتُ قد حضرتُ المعرض في أيامه الأولى ثم مرةً أخرى في أيامه الأخيرة ؛ كانت عيني الناقدة قد أحاطتْ بمجمل البدايات والنهايات بشكل يسمح للنقد البنّاء أن يحضر لو شاء ! وللحقيقة لا يخلو حضور معرض الرياض للكتاب من سرور وبهجة لدى الزوّار المتعطّشين لجديد الكتب مع زخم الدور المشاركة بجديدها والقديم أيضاً .
إلا أنّ معارض الكتب الدولية لا تقتصر على تقديم الكتاب فقط ، بل تضيف إلى جواره الكثير من الفعاليات الجاذبة لأكبر قدر من الجمهور القارئ وغير القارئ ؛ خدمةً للكتاب الذي لاشك يحتاج – في ظل هذا التشاغل العالمي بالتقنية وغيرها – إلى أقوى المحفّزات الدافعة للبشر نحو القراءة وتعاطي الثقافة المكتوبة ، بل إن بعض المعارض الدولية تطغى الفعاليات فيها على الحدث الأساس الكتاب !
إن تنظيم معارض الكتب الدولية يقوم على فكر يتقن إدارة الثقافة من خلال الحرفية في التعامل مع : المنتج الثقافي “الكتاب” ، والكائنات الثقافية بمختلف أدوارها “الناشرين” و”المؤلفين” و”الجمهور” ، والبيئة الثقافية “المعرض” ؛بحيث يُعطى كلٌ من هذه العناصر حقه ومكانه داخل هذه المنظومة الثقافية “معرض الكتاب” .
ولو نزلنا لأرض الواقع بمعرض الرياض لوجدنا تلك الإدارة الثقافية تتأرجح بين النجاح والإخفاق رغم المظهر الجماهيري الكثيف الحضور ! ولعلي أوجز هنا أهم نقاط القوة والضعف التي لمحتها وغيري كالتالي :
– ساهمت خدمة البريد السعودي داخل المعرض في عملية الشراء والشحن لكل مدن المملكة وخارجها بيسر وبأسعار معقولة ، ورغم ذلك ساهمت قلة الموظفين وضيق المساحة – المعطاة للبريد السعودي – في انتظار خدمة الشحن طويلاً لمدة قاربت الساعة في بعض الأيام المزدحمة بالزوّار .
– رغم دولية المعرض التي تستوجب الإعداد المسبق للبحث في أسرع وقت خاصةً للقادمين من خارج الرياض أو المملكة ؛ إلا أن عدم إنزال معلومات الكتب وأسعارها في الموقع الإلكتروني للمعرض بوقت كافٍ أبطأ وشتّتَ من مسار واستثمار الوقت لدى الزائرين ، ناهيكَ عن تأخر وصول خرائط دور النشر الورقية في أول أيام المعرض لأكثر من 7 ساعات .
– مغالاة أصحاب دور النشر في الأسعار خاصةً في غياب السعر الحقيقي عن المشتري والذي يتوجب تثبيته في قائمة لدى البائع أو على الكتاب .
– ضيق مساحة المعرض على كثير من الدور المشاركة خاصةً مع الإقبال الكبير على الحضور بكافة فئات المجتمع العمرية ، في حين أن مؤسسات وجهات أخرى لا علاقة لها بالكتاب تزاحم بأجنحتها دور النشر وبالإمكان عزلهم في صالة خاصة بهم .
وحتى يخرج النقد إلى دائرة الفعل والحلول ؛ فهناك الكثير من الاقتراحات التجديدية التي يمكن لو أخِذَ بها أن تُثمر تحسيناً وتقدماً إيجابياً نحو الأمام في إدارة معرض كتاب الرياض يمكن إجمالها في التالي :
– تسويق الكتب الفائزة بجائزة كتاب العام والوزارة وغيرها من الجوائز من خلال وضع صور أغلفتها في مدخل المعرض أو تعليقها في الممرات كأقل تعريف بها .
– طرح مناقصة لعربات ورقيّة مقوّاة قوية التحمل توفّر مجاناً بالمعرض تقوم بها إحدى المؤسسات أو الجامعات أو المراكز العلمية المشاركة تضع شعارها كدعاية لها ، وتكون متاحة للجميع وهي فكرة منفذة بامتياز في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب .
– إعطاء موظفي الدولة مع الطلاب إجازة اختيارية رسمية ليوم واحد تلحق بأول أو آخر الأسبوع الدراسي باسم “إجازة معرض الكتاب” تستوجب إحضار مشهد حضور من المعرض لاستحقاقها .
– تخصيص جزء من ميزانية الوزارة لشراء كل الإصدارات الجديدة لدور النشر المشاركة لآخر عام بعدد كافٍ لتوزيعها على المكتبات العامة بالمملكة .
– تخصيص مكافأة مالية طلابية لزيارة معرض الكتاب تستلزم لاستحقاقها مشهد حضور من الطالب أو الطالبة .
– تشجيع الفرق التطوعية من الشباب للقيام بدور الاستعلام عن دور النشر والكتب والتجوّل بين أرجاء المعرض لتقديم هذه الخدمة لا الجلوس في مدخل المعرض فقط ، على أن يلبسوا “تي شيرت” بعنوان مكتوب بالعربية “اسألني” والإنجليزية ask me حتى يعرفهم الجمهور .
– تدوير المعرض الدولي للكتاب بين مدن المملكة الكبرى كمكة المكرمة العاصمة المقدّسة وجدة – وقد ظهرت أولى بشائر التدوير بها – وأبها وتبوك والظهران وهكذا .
* آخر خَطْرَة :
حضور الشباب لمعرض الكتاب ، وحفلات التوقيع للمؤلفين الشباب ، ومنشورات التواصل الاجتماعي المستعرضة لقوائم الكتب الجديدة أو المختارة ؛ تظل ظاهرة صحيّة ومؤشّر تفاؤل لجيل مهتم وقارئ للكتاب ؛ تحتاج منّا إلى تنمية وتوجيه وتشجيع .
[email]Shuaib2002@gmail.com[/email] [/JUSTIFY]