أحمد صالح حلبي
قبل عقود قلائل مضت لم تكن المنطقة المحيطة بالحرم المكي الشريف خالية البناء ، أو فاقدة لأسواق ومحلات تجارية وفنادق ، فقد وجدت كافة الخدمات الأساسية بها من مرافق خدمات وأسواق ومحلات تجارية ، وكان السوق الصغير باسمه الكبير بمحتوياته واحدا من أبرز أسواق مكة المكرمة التي توفر الخدمات الأساسية للأهالي والحجاج ـ ولم يكن قدوم المعتمرين خلال تلك الفترة بما هو عليه حاليا ـ ، فمن مواد غذائية خفيفة إلى خضروات وفواكه وأسماك ووجبات غذائية طازجة بنكهة حجازية .
وحينما بدأت عمليات التوسعة للحرم المكي الشريف في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ تمت إزالة ذلك السوق الذي تحول مسماه من سوق إلى نفق ، فأصبح الكثيرون يطلقون عليه ” نفق السوق الصغير ” ، وهو ما يعني أن اسم السوق لم يغب عن الأذهان فبقى مسماه حتى وان غاب وجوده .
والمتابع لنفق السوق الصغير حاليا يرى أنه ليس بذاك الاسم فهو واحد من أهم وأكبر الأنفاق تحت الأرض في مكة المكرمة ، ويمتاز بوجود مواقف للسيارات للتحميل والتنزيل وسلالم للصعود إلى سطح الأرض والتوجه صوب الحرم المكي الشريف .
وما جعلني أتطرق للحديث عن السوق الصغير اليوم ما بتنا نراه غائبا للكثير من المسميات القديمة للأسواق والأحياء القديمة بمكة المكرمة ، التي أزيل البعض منها لأعمال توسعة الحرم المكي الشريف والساحات المحيطة به والطرق المؤدية له .
وما نأمله من أمانة العاصمة المقدسة أن تسعى لإعادة مسميات هذه الأحياء والأسواق عبر المناطق الحديثة الجاري تنفيذها ، وان كنت قد قرأت وسمعت قبل سنوات عن مشروع تعتزم أمانة العاصمة المقدسة تنفيذه بمنطقة بوابة مكة المكرمة ، يتضمن إقامة مناطق سكنية وأسواق ومحلات تجارية بمساحات مختلفة وبطراز عمراني قديم يحفظ جمال البناء القديم بمكة المكرمة .
غير أن هذا المشروع أو لنقل الفكرة لم نعد نرى وجودا أو ذكر لها ، ولا تعرف ما هي الأسباب ، أهي عائدة إلى معوقات في تنفيذ المشروع ؟ ، أو أن أمانة العاصمة المقدسة رأت إلغاء الفكرة والسعي لتنفيذ مشاريع ذات طراز عمراني حديث ؟ ، أو أن مساحات الأراضي المخصصة لإقامة مثل هذا المشروع والتي سلمت لشركة البلد الأمين التابعة لأمانة العاصمة المقدسة ، تحولت إلى مربعات سكنية للاستثمار التجاري الخاص ؟ ، أم أن هناك نية لتوزيع هذه الأراضي كمنح ؟ .
إن هناك أكثر من سؤال يطرح عن أسباب تراجع شركة البلد الأمين عن تنفيذ مشاريعها ، فمنذ أن أسست الشركة وحتى تاريخه لم نر أو نسمع عن مشروع واحد نفذته ، فكل الذي قراناه وسمعناه وجود شركة تحمل اسم ” شركة البلد الأمين ” ، لديها كوادر إدارية وفنية من مهندسين ومساحين وغيرهم من منسوبي الأمانة ، وتمتلك مساحات شاسعة من الأراضي .
وما نأمله من أمانة العاصمة المقدسة أن تسعى للتفرغ لأعمالها ، وتترك المجال التجاري والاستثماري للقطاع الخاص ، فشركة البلد الأمين التي تعد واحدة من شركاتها المؤسسة لم نراها واقعا عمليا نفذت مشروعا ، وكل ما رأيناه اسما منمقا لا وجود له بالساحة ؟ ،
[/JUSTIFY]