لغة الحــزم

]في ظل التحولات الدولية والوفاق الدولي على التهام القصعة العربية بإشاعة الفوضى وإعادة تركيبة المجتمع العربي بما يضمن بقاء الوجود الصهيوني وتحقق الأطماع الغربية التي من أهم محركاتهـا اختلال مفاصل الاقتصاد الغربي خصوصاً الولايات المتحدة وفي خضم هذا الزخم الدولي والأطمـاع الفارسية والأخطار المحدقة بالعرب وبالأخص الخليج العربي كان لابد من وضع بصمة واضحة وفاصلة سيادية ورسالة قوية لأصدقاء الأمس وأعداء اليوم وللعالم كله وبناء عليه بزغ نجم السياسة السعودية بعاصفة الحزم التي غيرت كثيراً من مفاهيم السياسة العربية بل وضعت مفهومـاً جديداً وحالة ستبقى الدوائرالغربية تدرسهـا بعمق لسنواتٍ عدة.

لقد فوجئت أمريكا بالعاصفة التي لم تعلم عنهـا إلا ليلة حدوثهـا وكان هدفاً سعودياً وبراعة سياسية مقصودة لتعلم عجوز الغرب إن السعودية من اليوم ليست ضمن القطيع العربي الذي يأخذ دروسه في السياسة والعمل العربي من مدرسة الغرب وإملاءات الغول الأمريكي المتسلط بغروره وصلفه . إنها لغة سعودية جديدة لم تعرفها لغات العالم اليوم في واقعهـا المعاصر .

والمتابع للحراك العربي وتحولاته الرهيبة يجد إن السعودية قد بدأت عهداً جديداً للعرب وفتحت صفحة لدروس قادمة تعلم العربي درواتٍ في كيفية التعاطي مع الأحداث والأخطار التي كانت ولازالت تتحرك في كل اتجاه دون ردع أوصدع ولاشك إن ثعلب الصحراء اليمنية صالح كان داهية لكنه لم ولن يغلب الدهاء السعودي الذي فاجأه بعاصفة الحزم إن كنت ريحاً فقد لاقيت إعصاراً.

عنصر المفاجأة ولغة الحزم من أهم ملامح نجاح السياسة السعودية في حزم أمورهـا تجاه الأطمـاع الفارسية الصفوية المتمثلة في التمدد الحوثي كطعنة في خاصرة الجزيرة العربية والذي ـ وفي غمضة عين ـ تبخرت أحلامه بإقامة دولة شبيهة بدولة نصر في لبنان بحجة مقاومة العدو الصهيوني ولايمكن بحالٍ أن يقتنع العربي البسيط بأن العدو يمكن أن يكون يوماً ما صديقا للعرب ومقاومـاً للصهيونية ويده ملطخة بدماء الأطفال والنساء والعزَّل في سوريا كما لا يمكن أن تنطلي على السعودية شعارات الحوثي بدعوات الموت لإسرائيل وأمريكا لذا جاءت عاصفة الحزم درساً سياسياً سعودياً بامتياز أدهش الغرب وأزعج الشرق وجمَّد مشاريع الفرس وأخضع رؤوس الطائفية في اليمن ورفع راية عزٍّ للعرب ستحمل رايتها الأجيال القادمة لو استمرت بهـذا الزخم في ساحات الصراع العربي المحتملة والمتابع المحلل بعمق لهذه العاصفة يمكن أن يقول إنهـا قد تطول وقد تتعكر أوتتعثر يوماً ما لكنهـا في النهاية ستنتصر لامحالة لإنهـا بدأت بشرف وستنتهي بعزةٍ وشموخ ٍوشرف.