المقالات

رسالة إلى رجال اﻷعمال

رسالة إلى رجال اﻷعمال
علي صالح طمبل

[JUSTIFY]نحتاج إلى رجال أعمال يعفّون نساء المسلمين، وليس رجال أعمال يتاجرون في أعراضهن ويتكسبون من ورائها الأموال الطائلة”.

هذه العبارة ذكرها الشيخ محمد سيد حاج في إحدى محاضراته، في معرض حديثه عن اﻹنفاق، حيث استشهد بقصة عبد الله بن المبارك رحمه الله حين جاءته امرأة سائلة، فأعطاها من المال الشيء الكثير، فسئل في ذلك فقال: (رأيت امراة شابة تتسول؛ فخشيت أن تحملها الحاجة إلى فعل ما أكره من المعاصى؛ فاردت أن أعفها).

وذكر الشيخ رحمه الله أن هناك لاعباً تم شراؤه بمليوني دولار؛ حتى أنه خال لضخامة المبلغ أن الفريق قد اشترى اللاعب مدى الحياة، ليكتشف أن شراءه كان لعام واحد فحسب، وبالرغم من ذلك لم يحرز هدفاً واحداً حتى موعد تقديم المحاضرة!

وذكر عضو في إحدى لجان المساجد أنهم ذهبوا ﻷحد رجال اﻷعمال المعروفين، فقدموا إليه طلباً لبناء مسجد، فاعتذر إليهم وقال لهم بوضوح: (أموالنا هذه لا تصلح للمساجد!).

ما نفتقد إليه اليوم – كما ذكر الشيخ محمد سيد رحمه الله – هو رجال اﻷعمال الذين ينفقون في وجوه الخير، خصوصاً في الدعوة إلى الله تعالى، وفي إعفاف نساء المسلمين، فهم – إلا من رحم الله – مشغولون باﻹنفاق على الفضائيات التي أفسدت العقائد واﻷخلاق، بما تبثه من أغانٍ ساقطة، وأفلام خليعة، وبرامج هايفة؛ وعلى شراء اللاعبين الذين ألهوا الشباب وشغلوهم عن قضايا أمتهم المصيرية؛ وفي استقدام أهل الطرب والغناء والرقص الذين أججوا الفتن وأشعلوا الشهوات! فقد ينفق هؤلاء على لاعب واحد أو مطربة واحدة ما يكون كفيلاً بإنشاء وقف للدعوة يعود ريعه على كفالة الدعاة إلى الله تعالى، وتسيير القوافل الدعوية لتعليم الناس أمور دينهم، وإقامة المحاضرات والدروس، ودعم الحجاب الشرعي، وعلى كفالة اﻷيتام، ومساعدة اﻷسر الفقيرة واﻷرامل، وعلاج المرضى.

على رجال اﻷعمال أن يدركوا أن هذه اﻷموال هي نعمة من الله تعالى وابتلاء واختبار، فإن أنفقوها في أبواب الخير أفلحوا وفازوا بخيري الدنيا واﻵخرة و(نعم المال الصالح للرجل الصالح) رواه أحمد، وإنّ من شكر النعم أن تُسخَّر في طاعة الله تعالى الذي قال: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].

أما إن أنفقوا هذه اﻷموال في وجوه الفساد واﻹفساد؛ تحولت من نعمة إلى نقمة، وصارت سبباً في شقائهم وعذابهم، وكم من أثرياء فقدوا أموالهم بين عشية وضحاها، أو أنفقوا ثروتهم في العلاج أو سداد الديون، فحين امتنعوا عن اﻹنفاق في أعمال الخير طواعية انتزعها الله عز وجل منهم قسراً، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [يوسف:21]، ولو ذكروا الله في الرخاء لذكرهم في الشدة، وفي صحيح مسلم: (إن هذا المال حلوة خضرة، من أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع)، وكما جاء في الأثر: (ما وقع بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة).

نحن بحاجة إلى رجال أعمال يثقون فيما عند الله أكثر من ثقتهم فيما في أيديهم، رجال أعمال ينفقون إنفاق من لا يخشى الفقر وهم يستحضرون قول الله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [آل عمران: 92]، كما فعل عثمان بن عفان رضي الله عنه حين جهز جيش العسرة فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم) رواه الترمذي.[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى