المحليةالمقالات

الإعلام ونظرية نصف الحقيقة

الإعلام ونظرية نصف الحقيقة

صاحب نظرية نصف الحقيقة هو الألماني جوزيف جوبلز وزير الإعلام في العهد الهتلري ومؤسس فن الدعاية السياسية بلونها الرمادي ويعني خلط الحقيقة مع الكثير من الأكاذيب وتقديمها كوجبة دعائية للشعوب ,

أنضم منذ زمن بعيد جهابذة الإعلام الغربي ورواد البيت الأبيض إلى المدرسة الجوبلزية في تطبيق تلك النظرية وأتقنوا فن قصف عقول الشعوب وخاصة الغربية منها بترديد الأكاذيب المضللة لتحقيق الغايات السياسية التي يقوم معظمها على خدمة الكيان الصهيوني لتمكينه وتثبيته كسرطان مدمي في جسد الشرق الأوسط , ولعل المتتبع للأحداث الدولية يعلم ماذا يعني الإعلام الرمادي أو نصف الحقيقة وخاصة بعد الأحداث المفتعلة بهجوم 11 سبتمبر التي على أثرها قام رامسفيلد وزير الدفاع في عهد بوش الإبن بتأسيس مكتب التأثير الاستراتيجي في البنتاجون ومهمة هذا المكتب إطلاق كمّ من المعلومات المضللة التي تحدث حالة من اللبس حول حقيقة الأحداث وهذا اللّبس هو ماتعيشه حالياً معظم الشعوب العربية حول كثيرٍ من القضايا التي تهم الشأن العربي ففي شأن العراق قبل إسقاط حكومة صدام حسين كان للإعلام الغربي الكاذب تأثير كبير في أن النظام العراقي في ذلك الوقت يملك أسلحة دمار شامل قد تؤدي لتغيير وجه الكرة الأرضية وما ذاك إلا لتمكين الساسة الأمريكيين من حشد تأييد رؤساء العالم لمهاجمة العراق ونشر مايسمى في حينه مشروع الشرق الأوسط الكبير ثم تغيّر إلى الشرق الأوسط الحديث على لسان وزيرة الأمن القومي الأمريكي سابقاً كونداليزا رايس وعندما لم يتحقق شيء رغم أن المشروع لازال من وجهة نظر الساسة الغربيين قائماً إلا أن تحقيق الهدف لم يكن بالسهولة والسرعة التي توقعها المشرّع في حينه لذلك تم إطلاق الخطط البديلة لتحقيق الهدف بأن وضع النظام السوري في قمة الأنظمة العربية التي يجب محاربتها ثم السوداني والبقية تأتي , من هذا المنطلق نرى أن الإعلام المتعامل بنظرية نصف الحقيقة أستطاع بطريقة ما أن يقلب الهرم السياسي الحاكم في بعض الدول العظمى وخاصة الهرم السياسي الأمريكي فمع أن ساكن البيت الأبيض يمثل قمة الهرم إلا أن الوضع في الحقيقة على غير هذا فهناك قوىً أخرى قلبت الهرم وأصبحت هي المتحكمة في إدارة السياسة الخارجية لتلك الدولة وقد استخدمت تلك القوى ضمن برنامجها الإعلامي الدعائي كل الوسائل الممكنة منها شركات الإنتاج السينمائي في هوليود التي لعبت ولازالت تلعب دوراً محورياً في أغلب الحروب الاستعمارية التي خاضتها أمريكا في الزمن الماضي والحالي فكثير من تلك الحروب يتم تجسيدها بأفلام في دور العرض السينمائي لتمهيد الرأي العام لقبول الحرب الفعلية عند وقوعها فمثلا ً ماتسميه أمريكا الحرب على الإرهاب تم تجسيده بأكثر من فيلم أغلبها يدور حول حدوث كارثة وهو ماتم تطبيقه على الواقع بإنهيار برج التجارة العالمي الذي وجد في حينه استنكاراً عالمياً واسعاً جهزّت لأجله الجيوش وجيّشت الشعوب ذهنياً وعاطفياً فأصبح من السهولة السيطرة عليه بواسطة حرب الإعلام ,

إنما بعد فترة من الزمن ومع إنكشاف النوايا الغربية بإحتلال بعض دول العالم بطريقة الاستعمار الحديث وخاصة الجزء العربي والإسلامي من الكرة الأرضية بدأت الشعوب تسأم هذا النمط الغربي الخبيث فكان لزاماً على أصحاب المدرسة الجوبلزية إختراع طريقة جديدة في ظل الاستعمار الحديث ولن يتم ذلك إلا بجعل إعلام المناطق العربية والإسلامية يسير في ركب الإعلام الغربي بتشويه وتزييف الحقائق وإظهار الولايات المتحدة بصورة إيجابية بصفتها الدولة العظمى الوحيدة في العالم الحديث والتي ترعى شئون مصالح جميع شعوب دول العالم في كافة أصقاع الأرض وتسعى لنشر الديموقراطية وبالطبع الديمقوقراطية الأمريكية أختصرها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش عندما قال ” من ليس معنا فهو ضدنا ” وهذا يعني ببساطة أن الإعلام العربي لابد أن يكون مع الإعلام الغربي لأنه في واقع الأمر لايستطيع إعلامنا أن يقف ضد آلة الفساد والدمار الغربية التي بدأت بترهيب بعض القنوات العربية وفي مقدمتها قناة الجزيرة الفضائية فقد واجهت هذه القناة أنواعاً مختلفة من الضغوط الأمريكية منها ماكان ضغطاً سياسياً ثم حرباً بالصواريخ واستهداف مكاتبها وقتل مراسليها ثم اعتقال بعض المراسلين ووصل الأمر إلى فتح قنوات اتصال مع قناة الجزيرة حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية “[COLOR=green] إن الإدارة أدركت مؤخراً أنه يجب استغلال قناة الجزيرة وليس التعارك معها حتى يمكن توصيل رسالة واشنطن [/COLOR]” إلا أن أغلب تلك الضغوط على الإعلام العربي لم يأتِ أكله فتحولت آلة الإعلام الغربي إلى إنشاء وسائلها الإعلامية الخاصة لمخاطبة العرب والمسلمين بغية السيطرة على عقل المتلقي ولتحسين صورة الغرب في عيون الآخرين , وهنا يتضح لنا مدى التدخل الغربي في المضمون الإعلامي العربي لتطبيق مقولة ” من ليس معنا فهو ضدنا ” ويتضح ذلك من خلال ماصرح به المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ريتشارد باوتشر عندما قال في شأن الصحفاة العربية بضفتها إحدى وسائل الإعلام يقول “[COLOR=crimson] يؤسفني أن الكثير من في الصحافة العربية يسيء تفسير الأمور ويؤجج الأشياء , كل مانطلبه هو أن نحصل على فرصة عادلة لسماع رأينا , وأن ينظروا إلى الحقائق , وألا يقفزوا إلى النتائج [/COLOR]” أنظر أخي القاريء إلى هذا الخلط والتزييف حتى في الأقوال فالسيد باوتشر يطلب الحصول على فرصة لسماع رأيه بينما قادته يمنعون أغلب شعوب العالم من فرصة العيش بسلام وأمان ,

ومع ذلك فليس مستغرباً ما تسعى إليه آلة الإعلام الغربي المسيطرة عليها صهيونياً ولكن الغريب في الأمر هي رد الفعل العربية في كل القضايا وبخاصة القضية الإعلامية فالإعلام العربي يكاد يكون قابلاً للإستسلام والاختراق ويحرص على الابتعاد عن كل مايمس السياسة الأمريكية والحركة الصهيونية التي أسست مناخاً مواتياً في الولايات المتحدة ليخدم مصالحها بينما في الدول العربية لم يستطع الساسة أو الإعلام العربي تأسيس مناخ يخدم القضايا العربية أو يجعل المشاهد العربي على بينة من أمر قضاياه المصيرية وذلك بسبب دخول أجزاء كبيرة من إعلامنا المرئي والمقروء والمسموع تحت مظلة نظرية نصف الحقيقة والدعاية الرمادية .

[ALIGN=LEFT][COLOR=green]عطية الخلف[/COLOR][/ALIGN]

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مع الاسف الشديد اننا اصبحنا نعي وندرك مدى هذا الخطر الذي يحل بنا وبإعلامنا

    حيث ان العالم الألماني اسس هذه النظريه لما يخدم النوايا الهتلريه في تظليل الحقائق

    وارباك الشعوب والجيوش المعاديه للالمان ان ذاك واصبحت هذه النظريه سارية

    المفعول الى وقتنا الحاضر وبشكل حضاري اجمل حيث تقدم لنا في باقه من الورد

    نشتم عبيرها وتعشعش في نخاشيشنا وتسحر كل حواسنا وتفعيل هذا الجهاز الفعال

    من قبل كوادر بشريه مدربه سياسياً واعلامياً حتى اصبحنا ننقاد وراء ما يقولون

    بمجرد النظر

    اما أعلامنا فهو لا زال في غيبوبه لا اعتقد انه سوف يصحو منها قريب

    لانه اسس لخدمة اشخاص وشخصيات وليس لخدمة دين وعقيده كيف

    وهو يسرج اخيلته ويمتطي صحائفه ويسل اقلامه في وجه مشايخ المسلمين

    الكلام كثير والناقد بصير …الا اننا سنستمر في طريقنا الرمادي دون ان نشعل

    فتائل النور لنرى الحقائق بوضوح ..حتى نحدد مسارنا في الحياة

    الاستاذ / عطيه الخلف

    مقال يشع بنور الفكر سلم فكرك الناضج

  2. سبحان الله أخي الكريم
    مسلسل متواصل لا إختلاف فيه سوى الممثلين ؛ دون ردود تذكر ..
    كتبت أستاذي فأجدت فيما كتبت ..
    كل الشكر

  3. إعلامنا يحتاج من وجهة نظري إلى الدين بإستمرار !!
    فالدين لا ينفصل بأي حال من الأحوال عن أي مجال أو أو نمو أو رسالة …
    والإعلام أفضل وأقوى رسالة بمختلف فروعه من إقتصادي أو سياسي أو رياضي …. الخ .
    وجميع الإعلاميين لدينا فيم الخير والبركة وقد وحدتهم ووحدتنا جميعاً كلمة التوحيد ؛
    ( لا إله الاّ الله ) .
    ولكن قد يتقلب مع الأهواء والميول كما هو بفرع الإعلام الرياضي ؛ ومن هُنا ينتج بعدٌ بسيط عن الدين وقد تعدى هذا على هذا وشتم هذا هذا !!
    ولو تمسك الجميع بالدين وفي كيفيّة حوار الآخر لما نتج ذاك …

    ……………….

    عطيّة الخلف كاتب من ذهب …

    وموضوع أكثر من رائع ؛ وقلمٌ يَعِدُ بالمزيد ؛ بارك الله فيك وفي فكرك ونفع بك الإسلام والمسلمين تقبل تقديري وشكري …

  4. علي السعدي

    شكراً لتواصلك مع المقالة . أما ماتفضلت به فالمسألة أدوار مرسومة كل له دور تمثيلي يقوم به .

  5. مع الاسف الشديد اننا اصبحنا نعي وندرك مدى هذا الخطر الذي يحل بنا وبإعلامنا

    حيث ان العالم الألماني اسس هذه النظريه لما يخدم النوايا الهتلريه في تظليل الحقائق

    وارباك الشعوب والجيوش المعاديه للالمان ان ذاك واصبحت هذه النظريه سارية

    المفعول الى وقتنا الحاضر وبشكل حضاري اجمل حيث تقدم لنا في باقه من الورد

    نشتم عبيرها وتعشعش في نخاشيشنا وتسحر كل حواسنا وتفعيل هذا الجهاز الفعال

    من قبل كوادر بشريه مدربه سياسياً واعلامياً حتى اصبحنا ننقاد وراء ما يقولون

    بمجرد النظر

    اما أعلامنا فهو لا زال في غيبوبه لا اعتقد انه سوف يصحو منها قريب

    لانه اسس لخدمة اشخاص وشخصيات وليس لخدمة دين وعقيده كيف

    وهو يسرج اخيلته ويمتطي صحائفه ويسل اقلامه في وجه مشايخ المسلمين

    الكلام كثير والناقد بصير …الا اننا سنستمر في طريقنا الرمادي دون ان نشعل

    فتائل النور لنرى الحقائق بوضوح ..حتى نحدد مسارنا في الحياة

    الاستاذ / عطيه الخلف

    مقال يشع بنور الفكر سلم فكرك الناضج

  6. سبحان الله أخي الكريم
    مسلسل متواصل لا إختلاف فيه سوى الممثلين ؛ دون ردود تذكر ..
    كتبت أستاذي فأجدت فيما كتبت ..
    كل الشكر

  7. إعلامنا يحتاج من وجهة نظري إلى الدين بإستمرار !!
    فالدين لا ينفصل بأي حال من الأحوال عن أي مجال أو أو نمو أو رسالة …
    والإعلام أفضل وأقوى رسالة بمختلف فروعه من إقتصادي أو سياسي أو رياضي …. الخ .
    وجميع الإعلاميين لدينا فيم الخير والبركة وقد وحدتهم ووحدتنا جميعاً كلمة التوحيد ؛
    ( لا إله الاّ الله ) .
    ولكن قد يتقلب مع الأهواء والميول كما هو بفرع الإعلام الرياضي ؛ ومن هُنا ينتج بعدٌ بسيط عن الدين وقد تعدى هذا على هذا وشتم هذا هذا !!
    ولو تمسك الجميع بالدين وفي كيفيّة حوار الآخر لما نتج ذاك …

    ……………….

    عطيّة الخلف كاتب من ذهب …

    وموضوع أكثر من رائع ؛ وقلمٌ يَعِدُ بالمزيد ؛ بارك الله فيك وفي فكرك ونفع بك الإسلام والمسلمين تقبل تقديري وشكري …

  8. علي السعدي

    شكراً لتواصلك مع المقالة . أما ماتفضلت به فالمسألة أدوار مرسومة كل له دور تمثيلي يقوم به .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى