تؤمن السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على مبادئ وثوابت ومعطيات تاريخية ودينية وسياسية وضمن أطر رئيسية أهمها حسن الجوار والتاريخ المشترك، وشجب العنف بجميع الوسائل التي تخل بالأمن والسلم، والتأكيد على مبدأ التعايش السلمي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بين دول المنطقة. فالمملكة ترغب في رؤية إيران دولة قوية إلى جانبهم، إلى جانب الإسلام بكل طوائفه ومذاهبه، والعمل على بناء الثقة معها؛ حتى تصبح إيران الإسلامية وليست إيران الشيعية، وكنا نتمنى أن تكون جزءًا فاعلًا في الأمة الإسلامية، لكن اتضح أن إيران تحمل مشروعًا سلطويًا للاستيلاء على ثروات المنطقة إذ لديها رغبة في إعادة المجد الفارسي للقادة الدينيين في إيران وعلى رأسهم آية الله على خامنئي يعتقدون أن حق إيران الطبيعي ومصيرها التاريخي هو أن تهيمن على المنطقة وأيضًا أن تقود العالم الإسلامي، ويؤكدها التصريحات المؤسفة التي أبداها بعض المسؤولين الإيرانيين التصريحات لعلي يونسي مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني والتي عدّ فيها أن بغداد لا طهران هي التي باتت اليوم عاصمة الإمبراطورية الإيرانية كما كانت عبر التاريخ، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي وتصريح نائب طهران (زاكاني): “إن ثلاث عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت في قبضة إيران، وأن صنعاء هي العاصمة العربية الرابعة تحت القبضة الإيرانية بعد احتلالهم الأحواز العربية والجزر الثلاث الإماراتية”. فطموح طهران إعادة خارطة منطقة الشرق الأوسط على مقاسها ووفق مصالحها، بات واضحًا مما خلق توتر في العلاقات مع دول الخليج العربي وأنها خسرت الكثير مما يتعلق بعلاقاتها مع الدول العربية والإسلامية إثر تدخلها السافر في شؤون هذه الدول العربية والإسلامية.
فعندما شعرت القيادة السعودية بوصول الخطر المباشر إلى أراضيها، فصار أي تأخير في معالجة النفوذ الإيراني في كل المنطقة العربية أمرًا غير قابل للاحتمال، ولابد من مجابهة النفوذ الفارسي في العراق وسوريا ولبنان واليمن، والمحاولة بتمددها المحموم في المنطقة العربية؛ فقد طفح كيل السعودية ولم يعد في مقدورها الصمت على تجاوزات إيران ودعمها بالمال والسلاح والجند والقادة للمليشيات الحوثيةّ في اليمن.
ومحاولة المملكة انتهاج سياسة المراقب والمشجع على الحوار السياسي لمدة عام كامل، فيما كان الحوثيون يتوسعون عسكريًا وحاصروا الرئيس عبد ربه منصور هادي لكسب أهداف سياسية بغطاء ودعم إيراني واضح؛ فكان القرار الحاسم الحكيم من موقظ الكرامة العربية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان- حفظه الله- ” عاصفة الحزم” الذي جاء لمساعدة اليمن وتحريرها من البغاة والمفسدين واستئصال شافة الحوثية المخذولة التي تعبث فسادًا في البلاد, وهددت أمنها واستقرارها ووحدتها، التي سفكت الدم, وأهلكت الحرث والنسل في اليمن الشقيق وضاق بها الشعب اليمني المسلم ذرعًا بجميع أطيافه وإن لابد من نهج طريق الحزم؛ فهو الأنجع ضد محاولات التمدد الإيراني في المنطقة. وتم إنشاء قوة عسكرية مشتركة من العالم العربي وتحقق التدخّل العربي؛لإنقاذ اليمن الذي أصبح يشكّل تحوّلًا استراتيجيًا وصفعةً قوية للفرس وتحَدّيًا كبيرًا لنفوذها وتمدّدِها وأحلامها الإمبراطورية ما بعد التدخّل العربي العسكري في اليمن لن يكون كما قبله. فالمنطقة أصبحت اليوم أمام واقع جديد. فالقوة المعنوية من قرار تبنى مجلس الأمن القرار بشأن اليمن تحت الفصل السابع والذي يحظر تزويد الحوثيين بالأسلحة ويفرض عقوبات على قادتهم ونجل الرئيس السابق فالامتيازات التي أعطيت للشعب اليمني ستمكّنه من إنهاء الاحتلال الحوثي، وتعيد الاعتبار للمبادرة الخليجية وللحل السلمي. فالحلم بتحويل اليمن إلى عراق آخر انتهى، كما أنّ الحلم بتهديد الأمن السعودي والوصول إلى باب المندب ولّى إلى غير رجعة.
عملية «عاصفة الحزم» “تجسد أهدافًا وغايات نبيلة أساسها الدفاع عن قضايا الحق والعدل والتمسك لمساندة الشرعية في اليمن وإحياء روح عربية جديدة لا تقبل التدخل في أي شأن عربي وتطهير الجسد العربي من أي فيروسات إرهابية تضعف وتنهك الشعوب العربية .