المقالات

وحدة الصفوف الوطنية وإثارة الفتنة

من منا يتذكر قبل ما يقارب من عقد من الزمن، وبالتحديد عام ٢٠٠٨م الأحداث والظروف التى مرت بها المملكة العربية السعودية من أحداث داخلية وخارجية لها علاقة بالمقام الأول بالإرهاب ورغبة بعض الجهات المعادية للمملكة في إثارة الفتنة الداخلية وتحريض الرأي العام الداخلي، مما انعكس سلبًا أيضًا على الرأي العام العالمي. وقد اتخذت حكومة المملكة خطوة حكيمة ومهمة آنذاك، وذلك بإطلاق مبادرة الملك عبد الله -رحمه الله- دعوة للحوار داخليًا وعالميًا وجعل انطلاقة ذلك الحوار من أم القرى وكان ذلك بتاريخ الأربعاء ٣/٦/ ٢٠٠٨ م، وقد اجتمع في حينه عدد كبير من علماء الأمة الإسلامية ومفكريها ومثقفيها سواء من الوطن أو من العالم الإسلامي كافة … تذكرت كل ذلك وما تلاه من مجهودات مختلفة لتوحيد الصف عن طريق حكمة الحوار ومؤتمراته المختلفة داخليًا وخارجيًا، كما وقد انتهت تلك المجهودات الخارجية بتأسيس مركز الملك عبدالله للحوارما بين الأديان والثقافات بالنمسا بتاريخ 26/11/2012، كما تذكرت دعوة قادة البلد في تلك الظروف وغيرها لوحدة الصف وتوحيده وقارنتها الآن وبين مايقوم به بعض العامة من سطحي الفكر وقصيري بعد النظر من إثارة للفتنة والأحقاد الطائفية والعنصرية، وأيضًا قارنته وبين ما تعتزم القيام به وزارة الشؤون الإسلامية خلال الأيام القادمة من موقف يخالف كل المعطيات، وكذلك يخالف الموقف الرسمي من مشكلة اليمن وما يحيطنا من مشاكل جمة، وذلك برغبتها بإرسال بعض دعاتها وواعظيها إلى حدود الوطن (نجران) للوعظ عن المعتقدات الحوثية، وتبين مخالفتها للدين الإسلامي …إلخ.

وفي رأيي الخاص بأن تلك خطوة غير مناسبة وغير محسوبة بكل الموازين، بسبب أن مثل ذلك يُثير نار الفتنة ويقودها للاشتعال، فكلنا نعلم أن هناك من يخالف العقيدة الرسمية للبلد في تلك المنطقة وغيرها من مناطق الوطن وحسب التصريحات الرسمية فإن لدينا ثمانية مذاهب مختلفة، وأعتقد أن التركيز على العقيدة الحوثية في تلك المنطقة وغيرها من عقائد مختلفة في المناطق الأخري للوطن إساءة ظن بمواطنينا هنا وهناك ويثير العداء علينا داخليًا وخارجيًا أيضًا، كما أنني أرى أن الحكم علي فئة من مواطني المملكة بالجهل والتخلف والمخالفة غير واقعي وغير منطقي وغير مبرر، بل إن القول في ذلك يرقى إلى اتهام موارب بقابليتهم للانحراف، مما ينعكس سلبًا على أحاسيسهم وشعورهم بأنهم فئة غير مرغوب فيها وفئة مستضعفة.
إن ميزان العقل والحكمة يتطلب الاحتواء لكل الأطياف والمذاهب والإثنيات فنحن في زمن حرب، ولا أحد يعلم بما تأوُّل إليه الأمور مستقبلًا وأتحدى كائنًا من كان أن يتنبأ بنتائجها، ونحن في أمس الحاجة إلى توحيد الصفوف وعدم شق الصف الوطني الواحد. وللمعلومية فإن إثارة نار الفتنة وإشعال حرائقها هنا وهناك هو غاية المنى للجماعات الإرهابية المتطرفة والتى تتبع في فكرها وعقيدتها ولأهدافها لتنظيم القاعدة في الغالب، كما أن الضغط على الجماعات والأقليات بمختلف أنواعها يولد الانفجار، فلا نكن فتايل قنابل تفجير لوحدة هذا البلد الأمين، ولنتذكر قول الحق ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم)( الغاشية:26)، حفظ الله البلد الأمين.

لواء م. طلال محمد ملائكة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى