منذ الصبا داعبتني أحلام جميلة كمـا داعب كل طفل عربي أتذكر والدي الذي كان يحدثني بحرقة ومرارة عن الواقع العربي وأحلام النصر والعزة والكرامة والعيش الكريم حلم والدي كغيره من العرب حلم مواطن عربي بسيط يتابع القضية الفلسطينية وهي التي تأتي في القائمة الرئيسية من قائمة اهتماماته اليومية كان يقول لي : ((منذ ولدت وحتى هرمت وأنا أسمع وأتابع الحوارات والمفاوضات الدولية لإيجاد حلٍّ للقضية الفلسطينية وهو كله كذب واستخفاف بالعقول العربية الساذجة)) كان الصراع العربي الصهيوني على أشده وشهد الواقع حروب تحريك للجيوش العربية لا حروب تحرير أما الأحلام الأخرى التي تخص المواطن العربي فهي أيضا تبخرت مع وعود قديمة بدأت بثورات عسكر خدعوا الشعوب وقطفوا ثمرات الثورة العربية وحولوهـا إلى مستنقع لدفن كل حلمٍ جميل.
وفي واقع الفقر والذلة والمهانة والتهميش لكل مناضل حر أصبح أمن المواطن العربي على نفسه وأهله وماله هو الهاجس الأول تأتي بعده آمال وأحلام بأشياء هي من أبسط حقوقه كلقمة عيش كريم في ظل حرية وعدالة كل الأحلام العربية تبخرت كل الآمال التي عُلقت على الأنظمة العربية تحولت إلى صندوقٍ عتيقٍ علاه الغبار الكثيف .
والسؤال الذي يفرض نفسه من ينفض هذا الغبار بدون ثورة أوغبار لأن الثورة العربية اليوم جاءت بغبار آخر ضاعت فيه بعض الأحلام وتبخرت أخرى وبقي العربي واقفاً حائراً بين الثائرين القدامى والثوار الجدد في دهشة وحيرة ترى هل يفهم الساسة العرب اليوم حلم العربي في الأقطار العربية وهل ينصتون إلى صوته الضعيف المبحوح ويبادروا إلى تحقيق لو بعض أمنياته مما يهم فئات كبيرة وكثيرة في القطرالعربي المتشرذم وإصلاح مافسد وتحسين مستوى المعيشة ورعاية الحقوق ومحاسبة كل من له دور في تعطيل مسيرة الإصلاح وبناء لحمة وطنية تتسع للجميع دون تفريق بين فصيل سياسي وآخر ومحاولة تقريب وجهـات النظر ولم شمل الشعوب العربية والإسلامية تحت راية ساسة قادرين على قيادة المسيرة وتحقيق لو بعض أحلام المواطن العربي بكل أمانة ونزاهة وإخلاص .