المقالات

ألا يجوز للمعلم أن يُقبل رأس تلميذه ؟

كم هو جميل أن يزرع المرء حديقة ويجني ثمارها الوطن على مر السنين ، وليس بالضرورة أن يكون المزارع فلاحاً وإن كانت الفلاحة صنعته التي يمارسها ويقتات نتاجها البشر والطير وغيرهم من الأنعام ، وقد يكون المزارع معلم الأجيال الذي أبلغ في مدحه والثناء عليه فطاحل الشعراء والأدباء ، بل إن بعضهم أجزل حتى زاد عليهم القول:
[CENTER] قم للمعلم وفّه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولاً)[/CENTER]

ومنهم من وصفه بشمعة تحترق لتنير للنشئ بعون الله السبيل ، ولنا في رسول الله عليه الصلاة والسلام ، معلم البشرية أسوة حسنة ، ولا يخفى على الجميع الدور الذي يقوم به المعلم مربي الأجيال وقد أفنى شبابه في تربية وتعليم النشء متأملاً إن أعطاه الله تعالى مزيد عمر أن يحصد ويجني ثمرة ما زرعه هو في ماضٍ بعيدٍ أو قريب.. نعم عزيزي القارئ فذلك ما حدث معي وقد غصت في بحر التربية والتعليم أكثر من ثلاثة عقود كان نتاجها بفضل الله المعلم والطبيب والمهندس ومن ينتسب إلى دائرة التحقيق والإدعاء وكذا العسكريين ضباطاً وأفراداً ، ولا يزال أكثرهم بفضل الله يسعدني بالتواصل والدعاء الذي أعتبره كنزي المرفوع ليوم (لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) إذ قد يكون تلميذك هو الولد الصالح الذي يدعوا لك..

وهنا..أستأذنك عزيزي القارئ بأن تشاركني غبطة تلك اللحظات المفعمة بنشوة السرور التي عشتها سويعات قصيرة أعادتني لماضٍ كنت فيه مربياً ومعلماً لمادة اللغة الإنجليزية بمتوسطة عرفات بمكة المكرمة ، إذ تلقيت دعوة كريمة لأمسية بعد ظهر يوم الإثنين 7/29 تشرفت فيها لحضور إحتفالية كلية المجتمع بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة بدعوة حرصت أن ألتزم حضورها ، وكيف لا وهي من تلميذي في متوسطة عرفات بمكة المكرمة الأستاذ الدكتور أحمد العبدالوهاب عميد كلية الهندسة سابقا عميد كلية المجتمع على شرف وحضور معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن اليوبي ووكلاء الجامعة وكوكبة من الدكاترة الاكادميين والأعيان والإعلاميين إضافة إلى أخواتنا منسوبات الكلية والجامعة اللآتي خصص لهن مكان يليق بهن في الحفل ، وكم أسعدني سعادة الأستاذ الدكتور أحمد وهو يلقي كلمته بالعربية ويعيد ترجمتها باللغة الإنجليزية ليعيد بي الذكريات وقد علمته فخراً (a , b ,c) في الصبا يوم كان هو وكوكبة من زملائه يتنافسون حتى على فتات الدرجات ، ولا أبالغ إن قلت أنصاف وأرباع الدرجات وفي جميع المواد سواء ، وبعدها أستأذنت من سعادته ومن معالي مدير الجامعة بمداخلة سبقني بها مقدم الحفل بالتعريف والترحيب بحضوري..

عندها طلبت من الأستاذ الدكتور أحمد بالوقوف بجانبي ثم أشدت بكلمة سعادته على مسمع الحضور ، أكدت فيها إعجابي بتلميذ الأمس قيادي اليوم والمستقبل المشرق بعون الله وأوضحت للحضور الكريم الذي غطى جميع القاعة بأن الملفت في كلمته أنها لم تحوي ( أنا ) في مجملها بل كلها (نحن) منسوبو ومنسوبات الكلية وفي ذلك من وجهة نظري التي أعلنتها على الحضور الفلاح بعينه.. إلخ ، وبعدها سألت الحضور بعبارة : ألا جاز للمعلم أن يقبل رأس تلميذه الذي يفتخر الوطن به وبأمثاله وقد تلحف العقد الرابع من العمر ؟ وفعلاّ قبلت رأسه رغم إصراره أدباً الرفض لتقديره لمعلمه ، ولا غرابة وذلك عشمنا في أبناء وبنات الوطن المعطاء الذي أخذ القرآن دستوراً لنهج الحياة ، وقد نال التكريم إعجاب الحضور ، ولم أكن في ذلك بعون الله مرائياً..

والحديث يطول عن ما لمسته من حسن الإعداد للحفل وبشاشة الضيافة وما تخلله من مسرحية هادفة من إخراج الأستاذ خالد الحربي تمثل واقعاً نعيشه لنظرة المجتمع لحملة الدبلومات والتي هي مطلب للدول المعاصرة والمتجهة بإصرار لعبارة أعتز بها دائما :(صنع في السعودية) وبسواعد بنيت بدعم وسخاء من حكومتنا السعودية سدد الله على دروب الخير خطاها..
دمت بعون الله في الخير شامخاً حازماً يا وطني..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى