التنمية الثقافية وضرورتها للطالب المعلم
بقلم د. نجلاء صالح
ومن الملاحظ أن التأكيد على خصوصية الثقافة وتعددها بتعدد البيئات والظروف التي يمر بها كل شعب على حدة، فضلًا عن اكتسابها وشموليتهـا، فهي مجموع المعلومات التي يقوم عليها نظـام حياة أى شعب من الشعوب؛ فهي نابعة من ظروفه واحتياجاته وبيئته الجغرافية، وتطور تاريخ بلاده الحضاري.
ويمكن القول بأن ثقافتنـا العربية، قد تشكلت بفعل مجموعة من العوامل والمؤثرات الإقليمية، وذلك بحكم تاريخ أمتنا الطويل وتفاعلها والتقائها بغيرها من الحضارات قديمها وحديثها، وبحكم ديننا الإسلامي السمح الحنيف، وما تضمنه من قيم ومبادئ معينة تنظم حياتنا في الداخل، وتحكم علاقتنا في الخارج، وكذلك لغتنا العربية وعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الثقافية ومعايير المعرفة والحكمة والأخلاق التى تجسدها هذه القيم.
ونظرًا للدور الهام الذي تقوم به كليات التربية، باعتبارها من المؤسسات التعليمية المعنية والمسؤولة عن التنمية الثقافية للطالب المعلم وتكيفه مع نفسه وبيئته الاجتماعية وفق ثقافة معينة، فإنها مطالبة – بادئ ذى بدء– بتحديد وصياغة أهدافها، وفقًا لثقافة المجتمع وما يؤمن به من قيم ومثل ومبادئ معينة، وتبعًا لما يقتنع به المجتمع من ثوابت ومتغيرات محددة، وذلك في ضوء طبيعة الطالب المعلم وظروف بيئته التي يعيش فيها، وبحيث يتم إعداده في ضوء الأبعاد الثقافية لهذا العصر وما يتميز به من تغيرات وتحولات علمية وتكنولوجية متلاحقة، وما تفضي إليه من نمو متسارع وتحولات بارزة في علاقات الشعوب وتفاعلاتها الثقافية وتستمد كليات التربية أهميتها من الاضطلاع بعملية الحفاظ على الثقافة، وتنميتها والعمل على تنمية المجتمع، ولكي يتحقق هذا الهدف بالدرجة المطلوبة، عليها أن تكون في حد ذاتها أداة متطورة وفاعلة وفقًا لما يُستجد من متغيرات حياتية.
ولكي تكون كليات التربية أكثر فاعليـة على طريق تدعيم مكونات التنمية الثقافية لطلبتها؛ فإنها مطالبة بالتحرك نحو نوع جديد من الأصالة الثقافية أصالة لا تُجمد عند ماضٍ لم يعد صالحًا في بعض جوانبه، بل ثمة حاجة لأن تنقد هذا الماضي في ضوء تحولات العصر الحاضرة وما يمكن التنبؤ به تشكيلًا للمستقبل، وفي إطار ما يموج به هذا العصر من تيارات ثقافية عالية لا يمكن إغفالها، بقدر ما يجب وضعها في الاعتبار.
فالمعلم يستمد أهميته، ليس فقط من كونه خلية من خلايا البناء القيمي والثقافي للمجتمع، بل باعتباره أيضًا مسؤولًا وقيمًا على هذا البناء الثقافي، ومن ثم كان التأكيد على أهميته التعرف على مكونات التنمية الثقافية للمعلم، والتأكيد على دوره إلى الحد الذي تتضاءل فيه أهمية كل عناصر العملية التعليمية، إذا ما قورنت بدور المعلم.
ومن هنا كان الاهتمام بمكونات التنمية الثقافية للطالب المعلم في حقيقتها؛ تحصينًا لأبنائنا من محاولات الاختراق الثقافي بمستهدفاتها السالبة.[/JUSTIFY]