المقالات

جنودنا البواسل جنود العزة والكرامة

كل عام والأمة الإسلامية بخير وعزة وكرامة، كل عام وكل لحظة وجنودنا البواسل بخير وعزة وكرامة وإباء. في مشهد غريب ومستهجن تناول العامة والخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة وبقصد متقصد ومعني ومدروس من البعض والبعض مرره بقصد عفوي وغير مدرك لأبعاده، مشهد ذلك الجندي والذي قام فيه بإلقاء خطبة عصماء مضيفًا لها بعض العبارات والجمل والتي كنت أتمنى ألايضيفها أو يستخدمها ( اللفظ الغليظ المتكرر للفظ الجلالة)؛ واصفًا نفسه بالبطل الهُمام المشارك مع جنودنا البواسل في الدفاع عن حدنا الجنوبي والغالي، وإنني لا أشك أيما لحظة في بسالتهم وشجاعتهم وكرامتهم وعزتهم ( لكن لم يناسبني إطلاقًا إقحام مهامهم وصفاتهم معه وفي ذلك الأسلوب المستجدي والمغطى باسم ولاة الأمر، وطلب العون منهم بادعائه إن أحد البنوك سطى على راتبه وراتبي المكرمة الملكية التى أمر بها خادم الحرمين الشريفين، وكيف أن أطفاله باتوا يقتاتون ليلًا ونهارًا على معكرونة الأندومي. والمؤسف أنه قام بتصويرهم في المقطع وأظهرهم للعامة وهم مُذَنَبُون يصغون لخطبته العصماء).

ومن وجهة نظري الشخصية وقد يوافقني عليها البعض، أعتقد أن ماقام به ذلك الشخص (لاحظ أنني لم أذكر رتبته العسكرية بقصد) هو تصرف أرعن وفيه الكثير من الطيش والتهور ومرد ذلك لأسباب كثيرة ومتعددة، أذكر منها على سبيل المثال ثلاثة فقط لاغير وكان من الممكن ذكر العشرات منها، ولكن أكتفي بذكر الأسباب الثلاثة التالية :-
أولًا: فإن ماقام به هذا الشخص لا يمثل المهنية العسكرية والانضباط والعرف العسكري المتعارف عليه هنا وعالميًا، فالمتعارف عليه أن العسكري من صفاته العزة والكرامة والإباء والشموخ، وهي صفة أساسية لا بد من أن تتوفر فيمن يقاتل ويحارب الأعداء والمجرمين، فلا يكون العسكري خانعًا خاضعًا مستضعفًا مذلولًا، وذلك لسبب بسيط فلو كان كذلك لكان مدبرًا عند أي مواجهة حامية الوسيط ذليلًا عند أي ضغط، وجميع المعاهد العسكرية وجيوش العالم تغرس في جنودها قوة الصبر والتحمل وعدم الخضوع والخنوع، وتدربه على تحمل الجور والظلم من أي طرف وإكمال مسيرة عمله وهدفه وأخذ حقه بالطرق الرسمية، وإنني على يقين بأن ماقام به ذلك الشخص لا يمثل ولا واحد من مليون من إباء وكرامة جنودنا البواسل في جبهتنا الجنوبية وغيرها من الجبهات، وقد أحسن قطاعه بالتبرأ من تصرفه؛ واصفًا إياه بالتصرف الفردي ومكذبًا ادعائه في تواجده بالجبهة، وأظن أن قطاعه ترأف به بذلك الإجراء فقط . وما أعلمه ويعلمه الجميع في العرف العسكري بأن الجندي لا يستجدي ولا يستعطف ولو وضع المسدس في رأسه فهكذا عرفنا إباء وشموخ العسكرية، وهكذا دربنا طلبتنا وطبقناها مع نفسنا ومع من عملنا معهم يدًا بيد. ثانيًا: هل أدرك ذلك الشخص التأثير السلبي من مقطعه السينمائي على زملائه في الجبهة ؟ لا أعتقد ذلك ! فكل ما فكر به ذلك الشخص هو أن يقوم شخص ما بالتصدق عليه وتسديد قرضه، ذلك القرض والذي سعى هو بإرادته لأخذه ولم يجبره أحد على التوقيع على شروطه وأحكامه. هل أدرك ذلك الشخص فرح الأعداء من كل صوب حينما شاهدوا مقطعه التسولي. وكيف استفاد منه الأعداء ؟! ألم يفكر لحظة في ذلك. ألم يفكر في شماتة الاعداء ؟! ثالثًا: استخدم ذلك الشخص الصبغة الدينية في إلقاء خطبته وإنني على يقين بأنه لم يراعِ بأن ديننا وشريعتنا الإسلامية تحث بل وتطالب بأن نكون أصحاب عزة وكرامة وهناك أدلة من القرآن والسنة في ذلك أورد منها قوله تعالى: ( لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحْصِرُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًۭا فِى ٱلْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَٰهُمْ لَا يَسْـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافًۭا ۗ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنْ خَيْرٍۢ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌ ) وقوله تعالى: (۞ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ ) ألم يمر عليه قول نبي هذه الأمة (لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ) … أقول لهذا الشخص ولغيره من الناس من يفكرون في استخدام ذلك الأسلوب المهين، اتقوا الله في دينكم وفي نفسكم وأهلكم فالعزة والكرامة هي أغلى ما يملكه الإنسان، وقد تكون من أفقر الفقراء وأنت في منزلة الكبر من العزة والكرامة، وإننا كمسلمين كنا أسياد العالم؛ لأنه كان لنا عزة وكرامة ( وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحْزَنُوا۟ وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنين) فلنكن كذلك. حفظ الله البلد الأمين بلد العزة والكرامة.

لواء م. طلال محمد ملائكة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى