لكل واحد منا ذكرياته الخاصة ليوم حصوله على رخصة قيادة سيارته، ذلك اليوم الذي عادة ما يسبقه ليلة من الكوابيس، بطلها رقيب المرور الذي سيجري ذلك الاختبار لدهائه وحنكته، وما يستخدمه من حيّل تفوق اختبارات القياس المطلوبة للمتقدمين للجامعات، وفي دقائق معدودة على تلك المساحة التي لم تكن تتجاوز شارعًا واحدًا باستدارة يمينًا أو يسارًا في المنطقة المجاورة لإدارة المرور، والسعيد في ذلك الزمن الجميل الذي يجتاز الفحص بنجاح للمرة الأولى، وقد يستغرب عزيزي القارئ عودتي بالذكريات لما فاق الثلاثة عقود، ولكنني رافقت منذ عدة أيام مضت صديقًا أراد استخراج رخصة قيادة لسائقه القادم من إحدى الدول الآسيوية في مدرسة تعليم قيادة المركبات بأنواعها في منطقة الشميسي بمكة المكرمة، والتي مضى على إنشائها عشر سنوات، وبعد أن حصلت على تصريح خاص من رقيب المدرسة / صقر القحطاني لمرافقة السائق، تلمست خلال جولتي الجهد المبذول من القائمين عليها أفرادًا وعسكريين إضافة إلى حسن التعامل مع ذلك الكم الهائل من طالبي رخص قيادة المركبات بأنواعها من السعوديين وغيرهم، (لست في ذلك مرائيًا ولكنني كناقد صحفي لابد أن أنقل لكم الصورة الإيجابية وغيرها)، والأجمل من ذلك ما شاهدته من الاختبار الفعلي على العديد من السيارات (الخاصة والنقل والشاحنات) المتوفرة، والمخصصة للفحص على المضمار الفسيح بمنحنياته المرصّفة لتمثل بيئة طبيعية لشوارع المنطقة وطرقاتها، إضافة إلى قاعة الدراسة التي يتتلمذ فيها الدارسون لعدة ساعات، وقد يحتاج بعضهم إلى عدة أيام دراسية ليكون مؤهلًا للحصول على الرخصة، وكذا توفرت قاعة مجهزة بالحواسب الآلية مخصصة لاختبار الإشارات المرورية، وبالعديد من اللغات التي تتناسب مع جنسيات العمالة المستقدمة للغرض نفسه، ولا يخفى على الجميع أن بعضًا من هؤلاء السائقين يفدون إلى المملكة وهم لا يعرفون من أبجديات قيادة المركبات شيئًا، إما لعدم حرص مكاتب الاستقدام في حسن الاختيار، لرخص التكلفة المادية أو لندرة توفرهم في بلدانهم، وهنا تأتي الحاجة الملحة لتلك المدارس لتدريبهم وتأهيلهم لقيادة المركبات بأنواعها قبل أن يتسببوا في حوادث مؤلمة تزهق بالأرواح والممتلكات لا قدر الله سبحانه، وهنا لا يفوتني أن أتقدم بالشكر لسعادة مدير عام المرور اللواء عبدالرحمن المقبل، وسعادة مدير مرور العاصمة، ومدير شعبة الرخص بالمنطقة والقائمين على تلك المدرسة مدنيين وعسكريين عرفانًا بالجهد الميداني المبذول، وقد أرخى صيف أم القرى سدوله، سائلًا المولى عزّ وجلّ أن يهل علينا وعلى الأمة الإسلامية شهر رمضان بالخير والأمن والبركات.. اللهم آمين.
0