ثقافة الشخصنة والخروج عن الموضوع
بقلم أ/عبد العزيز الحشيان
[JUSTIFY]لاشك أن ثقافة النقد لدينا متخلفة بوجه عام تبدأ بفقد الأعصاب؛ لأن أسس وقاعدة النقد والاعتراض مفقودة ومن حيث المبدأ فإنه يحقّ لكلّ إنسان يرى عيبًا أن ينتقده أو يحدِّد موقفه منه، ولأجل ألا نخلط بين ما هو (نقد) وبين ما هو (شتيمة) أو تشفّي أو انتقاص، كان لابدّ من إشاعة ثقافة النقد السليم العلمي، وأن نتعرّف على (شروط النقد) و(مؤهلات الناقد). وإلى جانب (فنّ التعامل) وأدبه، والتجربة الاجتماعية الناضجة في الحديث على قدر العقول وحسب المستوى، وتقدير ردّة الفعل من الوجه المقابل وحساسية المنقود، ودراسة ظروفه وملابساته، يُفترض أن تكون لدينا (ثقافة علمية محترمة) لمعرفة ما هو الخطأ من الصواب؟ وما هو المعروف وما هو غير المعروف ، لندركه حتي لانتجاوز الحدود وننحى عن المقصد فنعالج الخطأ بخطيئة، أو بخطأ أكبر منه أو مثله. وأن يكون لدينا الاطلاع الكافي على الشيء المنقود، ذلك فإن أيّ نقص في المعلومات، أو عدم إحاطة بها يُسبب مشاكل اجتماعية نحنُ في غنى عنها، وردود أفعال غير محسوبة. ومن متطلبات هذه الثقافة اعتماد أسلوب احترام الوجه الآخر في النقد سواءً في (نبرة الصوت) أو في اختيار (أنسب الكلمات)؛ فنبرة الكلمات الجميلة تصفي روح التقبل والاحترام المتبادل التي ترافق النقد للحوار أو الموضوع بذاته وتفتح مسامع القلب له، وتجنّب الحوار المؤذي الجارح من الكلمات المقرِّعة والمؤنِّبة والمنفِّرة والمستفزّة هو المقصّ الذي نقصُّ به شريط الافتتاح للدخول إلى معرض النقد. فكلمات مثل (أنت لاتفهم)، (أنت غير واقعي)،(أنت لاتفهم). أو (أنت أسوأ مَن عرفت أو رأيت) وأمثالها عبارات فظّة غليظة على المتلقي أي كانت ثقافته المجتمعية قد تُجابَه بمثلها أو بأعنف منها. ثقافة النقد تتطلّب احترام كرامة الإنسان المنقود، فثمة علاقة قويّة بين (النقد) وبين (احترام الذات).. لا تَنسَ أنّك تتحدّث عن عيب أو نقص، والإنسان – كما ذكرنا – حريص على كتمان عيوبه ونقائصه، واكتشافك لها يُريبه فيخشاك ويتوجّس منك خيفة؛ حتى تبدِّد توجّه بأسلوبك الوادع الرحيم الذي تشعرهُ من خلال أنّ هدفك وغاية نقدك أن تراه أفضل ممّا هو عليه، وألا يأتيه مَن قد يُسيء إليه في نقده..لاشك أن هناك الكثير من الأشخاص فقدوا زميلًا أو صديقًا بسبب النقد غير المهني والجارح بأي شكل من أشكاله المتعارف عليها في وسطنا الاجتماعي؛
فلابد من احترام الأشخاص أولًا وثانيًا إدراك موضوع وجوهر النقد وحيثياته؛ حتي يخرج الجميع بروح الحوار الراقي والعلاقات الإنسانية الر اقية المتحضرة، ومن هنا أدركنا بأننا أفراد مجتمع نعي ماهية النقد والحوار المتحضر؛ حتى نحترم قيمتنا وقيمة الآخرين، والله الهادي إلى سواء السبيل.[/JUSTIFY]