التقاعد خبرات ونعمة ..
بقلم أ/عبد العزيز الحشيان
[JUSTIFY]مهما طال الوقت، وبعدت المسافة. صحيح أن ثمة منغصات وعثرات غير محسوبة، أو لم تكن منظورة بشكل واضح قبل التقاعد وخاصة فيما تتناوله وسائل الإعلام المختلفة وقنوات التواصل الاجتماعي، وثقافتنا الاجتماعية المتخلفة، لعلنا اليوم نغير من منظورنا عن مرحلة التقاعد حتي نهييء لها المناخ المناسب للظهور والتأمل… إلا أن ذلك لايعني حدوث تغيير جذري في حياة المتقاعد العادي… عدا ذلك المستفيد من موقعه أو منصبه وهؤلاء شواذ، وفجأة تبدأ حياة جديدة فارغة كمفهوم خاطئ أومغلولة. فنحن على سبيل المثال لم نشعر بعمق الهوة التي تفصل مابين مرحلة ماقبل التقاعد ومابعدها إلا بالأريحية والمتعة …إلا لأننا أكثر تحملًا وصبرًا ومقدرة على قبول شيء لابد منه في الحياة … ولأننا نعي بحكم خبراتنا، ومفهومنا للعلاقات الاجتماعية والنفسية، ومايسودها من منافع، وتبادل المصالح، استطعنا بشيء من الاتزان والموضوعية، تجنب الانزلاق أو الوقوف في حفرة الأنا المتفضلة، فإن دائرة الحركة لدى المتقاعد أصبحت تحتاج تأملًا كبيرًا جدًا، وعليه إذا ما أراد العيش بهدوء وسلام أن يدرك ذلك.. إذا المسألة في كافة أحوالها تتعلق بنفسية المتقاعد وثقافته، ومدى استيعابه وانسجامه مع أوضاعه في الحياة الجديدة والتصرف على أساسها، وحسب مقتضاها؛ بحيث لايعزل نفسه داخل غرفة مغلقة ويرفع يديه مستسلمًا، أو منتظرًا الموت، وبحسب ثقافة مجتمعنا المنغلقة بألانعيش على وهم رد الجميل من أحد، أو انتظار من يعطيه أي شيء دون مقابل، فعندما تكون الحياة منذ الولادة حتى لحظة الموت عبارة عن سلسلة طويلة من المواجهة، والتحدي، والركض خلف الأشياء حتى النفس الأخير، وعندما تكون الحياة اقتناص، والخوض في المجهول دائمًا، علينا ألانقول الآن بأن إحساس المتقاعد أصبح على الهامش، وأكثر قربًا من أمه الأرض؛ فالأحرى به والأمر هكذا أن يتجه نحو الأرض بالتواصل معها وعدم الاكتراث، إلا بالجد نحو العمل علي هذه المعمورة كخبراء، فالأرض لاتنكر جميلًا ولاتحاسب على جميل. فأننا عندما نمسك بالقلم أو المتصفح ندون علوم الحياة وفنونها ونبدع ونقدم فنون وخبرات السنين الجميلة بكل ثقة، وهنا (مربط الفرس) وهو تحقيق كل متطلبات الحياة الهانئة بعد تعب السنين وتربية الأبناء وتحديد مستقبلهم والرد هنا للمحبطين والفاشلين؛ لأن الحياة ثقافة وخبرات رصينة، ومتعة أيها المتشائمون..(المتقاعد هو أبوك وعمك وخالك، وأمك وزوجتك وأختك) أبوك هو من وفر لك روح الحياة وبهجتها والمتقاعد هو اﻻنطلاق للحياة بعلوم الخبرة والبعد عن تطلعات وثقافة المتقزمين انظروا إلى اليابان كيف وصلت بالخبراء من المتقاعدين وهي الاستفادة منهم في هذه الحياة والتقدم العلمي الباهر. نشعر الآن بتلك الراحة الغامرة التي تأتي بعد تعب أيام مضت، ونشعر بأن أجسادنا أصبحت أكثر قدرة وطواعية على الحركة والإبداع، والاستمتاع في أي مكان وكيفما كان دون قيود ودون حضور وغياب … بينما الآن نتذكر يوم كنا نجلس على تلك الكراسي الوفيرة واستقبال مسؤولي العمل وتحيط بنا سياج العمل والوظيفة التي تحكمنا بكل تصرفاتنا، ولم تحاصرنا قيود عملنا في حياتنا الاجتماعية عدا عن ذلك ألا يكفي المتقاعد متعة وغبطة وراحة؛ حيث ابتعد عن قوة السلطة ومقابلة ثقافات مختلفة تخرجك عن طورك أحيانًا ومن هنا… يستطيع المتقاعد فتح معابر جديدة للحياة… أساسها الأول وقبل كل شيء التوقف كليًا عن ملاقاة الموت في منتصف الطريق. ولكنها هنا بداية حياة جديدة..بالتقاعد..اليوم؛ لنأخذ ثقافة الأمم المتقدمة والانفتاح للحياة، ولنغير مفاهيمنا أيها الثقافة المتخلفة.[/JUSTIFY]