المقالات

متعة الزحام

متعة الزحام ..!
كتبه : حمد عبد العزيز الكنتي

[JUSTIFY]يتضايق كثير منا من قضية الزحام فتجده يصرخ في وجهك إذا أوقعته في زحمة عابرة، وتجده تارة أخرى يقول لك ﻻ تذهب بي من طريق مزدحم، وقد يبقى في بيته وﻻ يحرك مركبته بحجة الزحام.
لماذا كل هذا؟ لماذا هذه الصورة الذهنية البغيضة عن الزحام؟ لماذا أصبح الزحام في أذهاننا مرتبطاً بالقلق وارتفاع الضغط والسكر.
تأملت كثيراً في أمر الزحام ووجدت أن له شقاً آخر جميلاً وممتعاً أحببت أن أتشاركه معكم.
فإليكم فوائد الزحام:
* الزحام يعلم الصبر والله يقول في القرآن (وتواصوا بالصبر) .. فعندما تقع في زحمة، درّب نفسك على الصبر.
* الزحام يعلم التأمل .. فعندما تفاجئك زحمة ما تأمل في محيطك، تأمل في الأماكن وانظر في وجوه الناس وﻻحظ الأطفال يلعبون في السيارات المجاورة .. تعلم منهم البراءة واقتبس منهم جمال الروح.
* الزحام يعلمك الإحساس بالغير .. فعندما تقع في الزحمة وتكون في سيارة مكيفة تأمل من حولك، ستجد إنساناً يغرق في العرق لأن سيارته قديمة ومن غير مكيف، وسترى عامل النظافة يبحث عن ظل شجرة لعله يخفف عنه حر الظهيرة.
* الزحمة تعلمك الرحمة بالغير لأنك سترى العجوز فتفسح له الطريق، ولأنك ستتجاهل من يتفوه عليك بكلام سيئ، وستسامح من يزعجك بمنبه سيارته .. إذن وقوعك في هذه الزحمة علمك الإحسان وجعل الحسنات تتكاثر في ميزانك.
* الزحمة فرصة للتقابل الأسري وتأمل ملامح أطفالك الذين حرقتهم شمس الظهيرة، وهي فرصة لأن تحتسي قليلاً من القهوة وأنت تنظر إلى عيون زوجتك في مساء مزدحم بالمشاعر، وهي فرصة لأن تنظر إلى رسالة عمل في جوالك أو تقرأ فقرات من مقاﻻت لبعض الكتاب.
* الزحام له وقع جميل فهو محطة إناخة الجسد على أعتاب الروح، لتلتقط أنفاسها بعيداً عن كاميرات المراقبة المرورية .. ولتبحث عن محطة إذاعية قد تسهم في تخفيف أعباء الحياة وتعرقل قليلاً من إيقاعها المتسارع والمزعج أحياناً.
* في الزحمة قد ترى شخصاً افتقدته منذ زمن، وقد تعرف مكاناً كنت تبحث عنه من فترة طويلة، وقد تتبرع لمسكين هو في حاجة ماسة لدرهم أنت في غنى عنه، وقد ترى مشهداً مؤثراً يجعلك تعيد حساب حياتك.
* قد تجد أيضاً في الزحمة فرصة للحديث عن همومك وربما من شدة إغراقك في الحديث ينبهك الذي معك أو خلفك بأن الطريق أصبح أمامك مشرعاً.
* في الزحمة قد تجد فرصة لمواجهة ذاتك وسبر أغوار نفسك وتطهير قلبك والوصول إليك في هدوء عامر بعيداً عن ضجيج الشوارع المزدحمة.
وأخيراً .. ﻻ تجعل موقفك من الزحمة موقف صراع وقلق .. تقبل الزحمة إن تحتمت عليك وعش في كل الأجواء .. صدقني ستجد كل الحلول الآنفة والفوائد السابقة، خذها وعشها واستمتع بها سترى عجباً .. وسيقول لك الطفل الذي معك بابا (راحت السيارات) .[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى