المقالات

الأنا .. أزمة ضمير

[JUSTIFY]الأنا .. أزمة ضمير
بقلم /عبدالرزاق سعيد حسنين

(ما قصرتوا) .. صرخة شدت انتباهي وأنا أتابع إحدى القنوات الفضائية في إعلان لطفلة وشاب يمثلون فئة عزيزة على المجتمع من ذوي الاحتياجات الخاصة، يعيشون بيننا ولهم علينا من الحقوق التي ذهب بعضها في مهب الريح، وليس أدل على ذلك ما نشاهده من مزاحمتهم في مواقف سياراتهم الخاصة والمشار إليها بلوحات توعوية أمام مداخل الأسواق والمستشفيات، بل حتى أمام أبواب المساجد لم يحترم بعضنا حقوقهم علينا .

والمشهد يتكرر عندما تجد تراكم الأحذية على المنزلقات الخاصة بعربات ذوي الاحتياجات الخاصة من الذين لم تمنعهم معوقاتهم الحركية من حضور جماعة المسجد، أليس في تلك التصرفات الخاطئة ارتفاع لسقف الأنا التي إن تفشت في مجتمعنا ستؤدي بلا شك إلى أزمة ضمير، والمواقف تتكرر عندما تتجول بسيارتك على الشوارع والطرقات العامة، وقد ندر ألا تقع في حفريات ومطبات تؤدي إلى المزيد من الحوادث والأضرار على مركباتنا بما يرهق ميزانياتنا، وللأسف فبعض تلك الشوارع تم استلامه حديثًا من المسؤول المشرف على المشروع، بعبارة (مطابق للمواصفات) وإن تأخر تنفيذ المشروع وطال أمده، أليس في ذلك أزمة ضمير وخيانة للوطن؟! .

وهنا لا أشكك في الذمم وقد تفشت المصالح الخاصة والرشوة بيننا !! وعلا سقف الأنا لدى البعض .

ويتكرر الحال في بعض معاقل التعليم لدينا من الذين يقومون بتدريس أبنائنا وبناتنا وقد أضاعوا جل أوقات حصصهم ومحاضراتهم بوسائل التواصل والتقنية التي أسأنا استخدامها وقد أشغلت الحيز الأكبر في حياتنا، أليس في ذلك أيضًا أزمة ضمير ؟ وقد يصادف أن تكون مسؤولًا في إحدى الشركات التي تدير أموالًا لمساهمين وفيهم الأرامل والأيتام ومن يقتات على مدخرات تلك الشركة وإن تواضع دخلها، وبغلبة الصوت تجد نفسك مضطرًا للمزيد من التنازلات إرضاءً لفلان وعلان، وفي ذلك من وجهة نظري أيضًا، أزمة ضمير.

وللأسف يتكرر الحال عندما تصلي في بعض المساجد وقد تخلف عن إمامتها والأذان فيها، من ائتمنتهم الجهة المعنية، ويستعينون وبأجر رمزي ببعض الوافدين ممن لم يجيدوا حتى مخارج لغة الضاد، أليس في ذلك أيضًا أزمة ضمير ؟! .

وقد نشترك أنا وأنت عزيزي القارئ في تلك الحالة إن لم نبلغ الجهات المسؤولة عن أولئك الذين يحاولون العبث بأمن الوطن وسلامته وقد حددت الدولة -حفظها الله- أرقام هواتف تضمن سرية من يبلغ عن حالات من انحرفوا عن النهج السليم .

وقد نكون أيضًا شركاء في أزمة الضمير، بإساءة استخدامنا للمرافق من شواطئ وحدائق عامة وإن ندر تواجدها في ظل الزحف العمراني، فباتلاف ممتلكات الوطن من المقاعد والأشجار نكون قد ابتلينا أيضًا بأزمة الضمير وتفشي الأنا والمصالح الخاصة التي هي أشبه بالسرطان الذي يعجز عن علاجه الأطباء، وقد أوصانا ديننا الإسلامي الحنيف بالأمانة قال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)(الأحزاب:72) .

وختامًا صدق من قال: (وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه).[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى