لا أدري لماذا اعتصرنا الألم ، وخيّم على أفئدتنا الحزن عندما علمنا بنبأ وفاة سعود الفيصل، هل لأنه الأمير؟ أم لأنه الوزير؟ !! فطبيعة عمله في الخارجية ليس لها علاقة مباشرة بالمواطنين في الداخل، وسموه طوال حياته منشغلا بقضايا أمته في الخارج، فهو ليس كأمراء المناطق يمكن مقابلتهم أسبوعيًا، ولا أعتقد أن الكثير منّا قابله شخصيًا، فلماذا نحزن ونبكي بهذه المشاعر الجياشة والحزن العظيم؟!.
أسئلة حائرة تبحث عن إجابة فما هو سر حب الناس لـ (سعود)؟ ولماذا كل هذا الجمع يرثيه، ولماذا يحملون صورته في أجهزتهم الذكية؟ إنها قدرة خارقة لا ينالها كل شخص في ظل متغيرات الحياة الاجتماعية اليوم. وليس هذا بحسب بل اختار الله له سيد الشهور وفي يوم ترفع فيه الحسنات والأجور ، وصلى على جثمانه أكثر من مليون مسلم في أطهر بقعة على وجه الأرض، وورى الثرى في ليلة شريفة، غمره المسلمون بالدعاء أي خاتمة هذه يا سعود!
[CENTER]وجه الفرح ذا الليل غايب ومفقود ** وأنا أشهد أن الموت فعلًا غزاناالله يغفر لك ويرحمك ياسعود ** والله يجبر في غيابك عزانا [/CENTER]
إن الحزن على الفقيد لم يكن مجرد عواطف ومشاعر، أو حزن وقتيّ ويزول بل سوف يسكن في القلوب مثلما سكن حب والده في قلوبنا فالحزن على سعود نابع عن حب وجداني في صميم القلب الذي لا يتحكم فيه إلا رب سعود.
[CENTER]عسى مبسمك يرتوي من كوثر الجنةوبجنة الخلد تقطف ثمرها..[/CENTER]
إن مات سعود فذكره لن يموت، بل سيظل خالدًا شامخًا إلى يوم الدين، سيذكره القدس وتذكره فلسطين وكل شبر في بلاد المسلمين، فلن أتحدث عن دهائه وحنكته السياسية لأنه علم في السياسة والعالم يعرف عنه ذلك، ولكن بكل بساطة – سعود الفيصل – هو إنسان عمل بإخلاص وتفانٍ في خدمة دينه ومليكه ووطنه وأمتيه العربية والإسلامية، فكسب رضاء المجتمع والعالم أجمع، فدخل القلوب بدون استئذان وذرفت له العينان، فشاء الرحمن أن تكون خاتمته في شهر رمضان وفي ليالي العتق من النيران فاهنأ بموتك يا سعود.
بموت سعود جدد الشعب السعودي الوفاء لقيادته، ولوطنه فمشاعرهم كانت صادقة ومعبرة ولسان حال كل واحد منهم يقول: لو أن الأعمار تهدى لكانت حياتي فداءً لك، فهم شهداء الله في الأرض، وقد شهدوا له بحسن الخلق والاخلاص في العمل فنهنيء الفقيد بالخاتمة الحسنة والحب العميم من جميع المسلمين.
أعزي الملك سلمان وقيادته، وأعزي أشقاء الفقيد وأسرته، وكل العزاء للوطن والشعب السعودي الوفي.
[CENTER]من يلومك والحزن متقاسمينه ** والدموع اللي حكت من غير صوتكلنا ياأمير مثلك فاقدينه **والعزاء بسعود مثله مايموت![/CENTER]
لم أكتب المقال لأُبيّن الحزن على الفقيد، ولكنها رسالة صادقة لكل من تولى مسؤولية العمل أن يقتدي بسعود وان يقدم لوطنه وامته ما يستحق ان يكون اثراَ في قلب كل مواطن مثل الآثر الذي تركه سعود.
خاتمة
الموت لا يوجع “الموتى” .. الموت يوجع “الأحياء”!
محمود درويش