ذِكْرَى الحَبِيبَة ( 12 )
نبيه بن مراد العطرجي
أمِي … أجْمل كَلمة نَطق بِها لسَاني مُنذ الصِغر ، وأحْلى مَا تغَنت بِه شفَاهي عَلى مَر العُمر .
أمِي … كَم أتمنَى الحَديث مَعك ، وأنَا بَين أحضَانك ، يَغمرني عَطفك وحنَانك .
أمِي … القَلب يَحترق لفرقَاك ، ومُشتاق لك ، والعَين تَتمنى رؤيَاك ، والأذنُ تَحن لسمَاع صَوتك الحنُون ، وأنَا يَا أمِي كُلي محتَاج لكِ .
أمِي … يَا طَيبة الفؤادْ الذِي لَا يَعرف سِوى الحُب والصَفح والغُفران .
أمِي … يَا مِسك وعُود مِن بَعد رَحيلك فِي السَابع والعِشرين مِن شَهر رَمضان لعَام 1424ه أنطَفأ السِراج المنِير ، وغَدت الدَار عُتمة بُعد أنْ كُنت تُنيريها بِوجهك الجمِيل الطَاهر .
أمِي … أيَام عُمري بَعد رَحيلك لمْ تَعد كمَا كانَت فِي حيَاتك ، وذكرَى أيَامي القَلائل الجَميلة التِي عِشتها مَعك بذاكرَتي وهَاجة لمْ تُغادرني مُنذ فُراقك ، وأصبَحت أحيَا بِبعض الرُوح والعَقل .
أمِي … مَضت أيَام عُمري مِن عُمر الزَمن بَعد رَحيلك ، ولـمْ أستَطع نسيَان يَوم مِن أيَامي التِي قَضيتها بَين أحضَانك ، وقَد غشَاها الألَم والهَم ، وليَاليها السُهاد كاسِيها .
أمِي … كَان صَوتك يَملأ الدَار بالذِكر والقُرآن آنَاء اللَيل وأطْراف النهَار ، وبرَحيلك لـمْ يَعد لذَلك التغْريد صَوت فِي السمَاء .
يَارب يَا سَامع مَن دعَاك : أمِي … قَد فَارقت الأهْل والأحبَاب ، وهِي فِي كَرم ضيَافتك ، وأنتّ الجَواد الكرِيم ، فيَا الله يَا رحمن يَا رحِيم يَا حيْ لَا يَموت أغْفر لأمِي ، وأرحمهَا ، وعَافهَا وأعفُو عَنها ، وأكرِم نُزلها ، ووسِع مُدخلها ، وأغسِلها بالماءْ والثَلج والبَرد ، ونقِها مِن الذنُوب والخطَايا كمَا يُنقى الثَوب الأبيَض مِن الدَنس ، اللهُم كُن لهَا قَبل الحَبيب حَبيباً ، ولدُعاء مَن دَعاك لهَا سَامعاً ومجِيباً .
اللهُم يا الله أرحمهَا … أرحمهَا .
ومَن أصْدق مِن الله قِيلاً { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ … }.[/JUSTIFY]