الداخلية والوحدة الوطنية
أحمد صالح حلبي
فمثل هذه الأخبار وان كانت قاسية على الفؤاد لمن يذهبوا ضحايا لها ، فإنها محمّلة بعلامات السرور والمحبة لقدرات رجال الأمن على إحباطها ، والتي أكدت أن أي عمل إرهابي يستهدف زعزعة الأمن وقتل الأبرياء سيواجه بقوة وصرامة ، وهذا ما اتضح منذ حادثة الاعتداء على الحرم المكي الشريف عام 1400 هـ مرورا بحادثة عام 1409 هـ التي وقعت في مكة المكرمة وأحدثت انفجاريين الأول في أحد الطرق المؤدية للحرم المكي والآخر فوق الجسر المجاور للحرم ، وفي الاثنتان نلحظ ان الحادثيتين وقعتا في مكة المكرمة واستهدفتا الإسلام والمسلمين في بلدهم المقدس ، غير أن رجال الأمن بحسهم الأمني وكفاءاتهم وقبل كل هذا توفيق الله سبحانه وتعالى تمكنوا من التصدي لهم وإيصالهم إلى العدالة لمحاكمتهم ، وتنفيذ الحكم الشرعي بهم وبكل من أساء ويسيء للإسلام والمسلمين في بلد الله الحرام .
وبعد فشل الإرهابييين في تحقيق نجاحاتهم ببلد الله الحرام مكة المكرمة كانت وجهتهم صوب مناطق ومدن سعودية أخرى معتقدين أنهم قادرين على تنفيذ مخططاتهم ، فكانت حادثة الخبر التي استهدفت مجمع سكني ، وحادثة استهداف المجمع السكني بالرياض ضمن أجندة حملوها لتشتيت الذهن وضياع الفكر ، وجعل المواطنين والمقيمين يعيشون حالات من الإحساس بفقدان الأمن والأمان .
وبعد أن إدراك الإرهابيون فشل مخططاتهم في زعزعة الأمن والاستقرار ببلد الله الحرام وخسارتهم في مدن المملكة الأخرى ، كان توجههم لزعزعة الوحدة الوطنية من خلال خلق حالات من الانشقاق بين أبناء الوطن الواحد (سُنة وشيعة) ، فكانت أولى خطواتهم متمثلة في الاعتداء على بعض مساجد الشيعة بالمنطقة الشرقية بحادثة الاعتداء على مسجد الدالوة 2014 م ، ولم يوفقوا يومها في خلق الانشقاق بعد أن خرج أبناء المملكة من كافة المناطق والمحافظات مشاركين في تشييع الضحايا ، وكررت المحاولة مرة أخرى بحادثة الاعتداء على مسجد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ببلدة القديح ، وكانت النتائج كسابقتها وحدة وطنية بين الجميع ، فكررت المحاولة ثالثا في حادثة على مسجد بالدمام أثناء أداء صلاة الجمعة ، ولم يمكنوا حينها من زرع الفتنة وإلحاق الضرر بالوحدة الوطنية .
وقبل أن تجف آثار أي حادثة ويبتعد عنها من تضرروا منها وفاة أو إصابة ، يكون رجال الأمن من منسوبي وزارة الداخلية قد جمعوا الدلائل وحملوها بحثا عن المنفذين ، وفي ما وقع من حوادث تأكيد على متانة الحس الأمني وقوة أفراده ، التي إن فخرنا بها ، فإنها أثارت أعدائنا فتسابقوا للنيل منهم بخطط وبرامج تستهدف القضاء عليهم بالقتل المباشر ، أو بواسطة أقارب لهم ، وقد سجل حادث الاعتداء على الدورية الأمنية بالرياض وأحدا من خططهم الفاشلة ، فجاءت حادثة قتل إرهابي لخاله قبل تفجير نفسه بنقطة تفتيش على طريق الحائر ـ الرياض كواحدة من أكثر الجرائم قساوة التي باتت تستهدف رجال الأمن .
واليوم يطرح البعض سؤالهم عن الدور الذي ينبغي أن يقوم به المواطنين تجاه هؤلاء الإرهابيين ، وهو سؤال إجابته مرتبطة بأعمال تقدم لا كلمات تدون ، فالجميع يقع على عاتقهم مسؤولية حماية الوطن وسلامته من كل مجرم عابث ، فمن يسعى لزعزعة الأمن لا يستهدف شخصا بذاته ولا قطاعا بكيانه ، لكنه يستهدف دولة بحدودها وشعبها ومواردها ، وقبل كل هذا يستهدف دين الله الإسلام ليظهره أمام الآخرين كدين قتل وعنف وفرقة لا دين محبة وسلام ووحدة ووئام .
وعلينا كمواطنين أن ندافع عن ديننا ووطننا كل بطريقته التي يألفها ، فالكلمة لها دور فاعل في الحد من عبث العابثين ، والإبلاغ عن كل مسيء يحاول المساس بأمن الوطن وأجب ديني قبل أن يكون وطني .
وعلى الأسر أن تلعب دورها في تحصين أبنائها من براثن الانحراف الفكري ومتابعة ومراقبة سلوكياتهم الفكرية ، والمواقع التي يتواصلون عبرها ، ولا ينبغي أن يترك الزمام لهم حتى يقعوا ضحايا لأعمال يرفضها الدين قبل المجتمع .
[/JUSTIFY]