الحمد لله الذي أكرمنا بالشرف العظيم في خدمة ضيوفه حجاج بيت الله الحرام، والشكر له سبحانه أن خصنا من عباده في مهنة توارثناها من آبائنا وأجدادنا الأولين؛ مما جعلنا بعونه نحرص على أدائها ابتغاء مرضاته سبحانه، منصهرين أفرادًا وجماعات لتحقيق تطلعات ولاة الأمر، ولينعم الحاج الكريم بكل الخدمات والتسهيلات التي سخرتها حكومتنا السعودية -حفظها الله- وسدد علي دروب الخير خطاها.
وليس أدل على ذلك تلك الوجوه المباركة شبابًا وكبار سن من المطوفين والمطوفات العاملين في مجموعات الخدمة الميدانية وغيرها، في منظومة تلاحمية تذوب خلالها كل المسميات، ويبقى اسم المطوف يُفتخر به، وذلك ما نتلمسه شائعًا في العديد من أبناء المهنة من العاملين في أرفع المستويات في الدولة من أطباء وأكاديميين ومهندسين ضباطًا ومديري عموميين الذين يُعرفون أنفسهم في الميدان بالمطوف “فلان”، إضافة إلى ذوي الخبرة ممن عاصروا مهنة الطوافة المباركة في زمن الأولين، ودورهم البارز في نقل خبراتهم للأجيال المتتابعة بمشيئة الله، وكذلك طلاب العلم المبتعثين الذين يحرصون على تنظيم إجازاتهم ليعودوا إلى أرض الوطن في موسم الحج، حرصًا منهم جميعًا لنيل شرف خدمة ضيوف الرحمن، غير ناظرين إلى المردود المادي الزهيد، رغم ما يواجهونه من بعض المضايقات من القلة الذين لا يقدرون جهد المطوفين ودورهم في شؤون الحج، ابتغاء مرضاة الله سبحانه، من الحريصين على نيل رضاء الحاج ودعوة منه، صعودًا إلى قوله عليه الصلاة والسلام: (اللهم اغفر للحاج ولمن دعى له الحاج) كل أولئك وغيرهم تجدهم لا يفارقون مكاتبهم والميدان لأكثر من شهر، في منظومة تتكاتف فيها جميع أجهزة الدولة (المدنية والعسكرية)، -حفظها الله- وسدد على دروب الخير خطاها، للسهر على راحة الحجيج منذ وصولهم إلي أرض الوطن وحتى مغادرتهم بسلامة الله، بعد أن منّ الله عليهم بأداء نسكهم على أكمل وجه، مُحملين بأجمل الذكريات عن الوطن المضياف وأهله.. وللحديث عن مجالس إدارات مؤسسات أرباب الطوائف، لابد لي العودة بالذكريات إلى الدورة الرابعة للانتخابات الفردية التي كانت مثارًا للجدل بين مسؤولي وزارة الحج والأوساط المكية المعنية، وانقسام الرأي بين مؤيد ومتحفظ، بل متخوف من سقطات قد تؤدي إلى عواقب توهمها البعض، وكنت حينها من المؤيدين لوجهة نظر وزارة الحج ممثلة في اللجنة العليا للانتخابات التي بذلت جهودًا بحمد الله مثمرة، كان نتاجها مجالس إدارات بلا تكتلات أو غلبة الصوت وبلا انفراد في الرأي الواحد، انتخابات نتج عنها من وجهة نظري العديد من الأطياف والآراء المنصهرة في خدمة المهنة والحاج، ومن البديهي أن نختلف ويرتفع الصوت في مناقشاتنا وتطول الجلسات أحيانًا، ولكننا في نهاية الأمر نبقى إخوة متحابين تغلبنا مصلحة ضيوف الرحمن، وأخص بالذكر المؤسسة التي أنتمي إليها، وإن اختلفت مع الأخوة الزملاء في المؤسسة الأخرى ممن طالتهم الإعفاءات في الأسابيع الماضية وصارت حديث المجتمع المكي، مذكرًا نفسي والآخرين بالعهود والمواثيق التي كانت حديث مجالس الانتخابات، وفي مجملها الارتقاء بخدمة الحاج والمطوف والمطوفة، وتفعيل الدور الاستثماري لتحسين الدخل، وبلا مصالح خاصة تودي بنا إلى البحث عن الذاتية وارتفاع سقف الأنا، وليتنا نتناسى الماضي والنبش في الدفاتر القديمة وتصفية الحسابات التي تلهينا عن الهدف المنشود، نحو مثاليات مهنة الطوافة التي عشقناها كموروث من الآباء والأجداد غفر الله لهم جميعًا.. وختامًا أسأل الله العظيم أن يتم علينا فضله بإحسانه وتعود الأيام علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير والمسرات، وأن تُكلل أعمالنا بالنجاح المنشود لموسم الحج القادم، اللهم آمين.
0