الطيبون الجدد .. حتى لا يأفل النور
روضة علي هوساوي
[JUSTIFY]في الوقت الذي أسهبنا فيه بذكر الماضي والسخط على الحاضر, فقد لهونا عن أبنائنا بوقوفنا على الأطلال التي رحلت و لم نلتفت إلى الخير المكنون فيهم .. كيف لا وقد دخلوا عالم الاختراعات بقوة وهمة عالية وكأنهم يذكروننا بذلك العصر الذهبي.. لنصل للاكتفاء الذاتي، كيف لا وعدد حفظة القرآن الكريم منهم في ازدياد.. عندما أفتح العين الإيجابية وأوسع دائرة الإنصاف فلا أستطيع إلا أن أقول والله فيهم خيرًا كثيرًا .. عندما أشاهد الفرق التطوعية يلفتني مدى سرعة الإنجاز وإبداع الفكرة من أجل نشر الخير.. في زمن كان الطيبون ينجزون بعض من هذه الأمور في سنوات وربما منها مالم يطرأ على بالهم .. تنوع هائل وطاقة قوية في نشر الخير رغم الصعوبات التي تواجههم، ولكنهم جعلوا منها تحديات وشقوا طريقهم بإيمان وعزيمة وإصرار .. أما عن العصا القاسية التي يتباهى بها الطيبون فعلينا ألا نصدق أنها لم تخدش مشاعر أو تهين إنسانية أو تهز شخصية فما زال للبعض منها جروحًا غائرة ..فليس الكل منها سلم .. فإياكم أن تعيدوا الكرة وإن كان لابد فبالشروط الشرعية.. قال تعالى ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران:159) فما بالكم بمن جعل العصا القاسية منهج تربية ؟! على الجيل الصاعد ألا يلتفت للمثبطين حتى وإن كان المثبط لهم من “جيل الطيبين” إن صح التعبير .. ولكن أخذ الحكم منهم التي تبني وتدفع بالإنسان إلى الأمام؛ لأنها لن تأتي من فراغ بل هي حصيلة خبرات مع التنويه أن تؤخذ كرأي وليست كحقيقة؛ لأن الحقيقة لا تتغير وتثبت بالعلم والبراهين والحجج الدامغة بينما الرأي يتغير وفقًا للظروف المحيطة فمعظم الحكم رأي .. أما ما سيجعل الكرْ منها يسقط فليضرب بها عرض الحائط ويمضي بسلام .. فمن غير المعقول أن يسير الإنسان وهو يلتفت إلى الخلف! ..
أيها الطيبون ليتنا تغنينا أو وقفنا على أطلال جيل الصحابة أو على ذلك العصر الذي سمي بالعصر الذهبي فقد كان عصر ازدهار ورقي المسلمين بالإسلام لا بالعادات والتقاليد الجائرة المتخلفة .. تلك المرحلة التاريخية التي كانت الحضارة الإسلامية تتصدر العالم بأسره في جميع مجالات الحياة ( الفلك – الكيمياء – الأحياء – الزراعة – الاقتصاد – الصناعة – الأخلاق …إلخ) على الجيل الصاعد أن يعيش أيامه ووقته بما يرضي الله فالطيبون عاشوا أيامهم، وجمعوا ذكريات جميلة.
أثق في ذكاء الجيل الصاعد وأعلم أنهم لن يتفهموا لماذا يقفون الطيبون على الأطلال (إنه الحنين المختلط بالفقد) ولكن أنتم تقدموا, فكثرة الوقوف تسقط الرجل أحيانًا مالم يجعله ذلك الوقوف يتقدم إلى الأمام.. فالحياة تمضي والوقت يمضي والكل راحل ولن تبقى سوى الذكرة الطيبة ثم لن يبقى إلا العمل الصالح!
اجعلوا ديننا الجميل نصب أعينكم ..إيمانًا وحبًا وفهمًا وعملًا… لن أقول لكم أعيدوا عصر الطيبين بل سأقول أعيدوا العصر الذهبي ذلك العهد الجميل كان المسلمون فيه أهل العلم والدين والأخلاق .. كان الغرب يأتي إلينا لكي يتعلم منا شتى العلوم حتى ازدهر.[/JUSTIFY]