كثير من الطروحات الفكرية في الساحة العربية لمقاومة التطرف أغفلت في الغالب الحديث عن إن التطرف لايقابل بتطرفٍ مثله وهو خطأ كبير بل ضخم بضخامة التطرف ذاته لأن المتابع للحركات المتطرفة خصوصا التكفيرية منها يلحظ إنهـا كانت قد تعرضت لضغوط نفسية كبيرة إما في محيط الأسرة أومحيط المدرسة أوالمجتمع والبيئة في ظروف اقتصادية صعبة مرَّ ويمر بهـا العالم العربي وغيرها من الضغوط السياسية أو الاجتماعية أوالاقتصادية مما أحدث صدمة وتغييراً فكريا في عقول المتطرفين .
ومن هنا فلابد أن تكون الوسائل والأساليب لمكافحة الفكر المتطرف متطورة وتتناسب مع حاجات المجتمع والدولة كثير من الأساليب القديمة لم تعد ناجعة في العصر الحديث ويمكن تطوير تلك الوسائل والاستفادة من الخبرات والتجارب الحديثة المتطورة والتركيز على اللين والحوار كأسلوب جديد لمقاومته وهو الأسلوب النبوي الذي اتبعه المصطفى صلى الله عليه وسلم مع طوائف الفتنة في العهد المدني عهد بناء الدولة كطائفتي المنافقين والخوارج فحين جاء ابن رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب الإذن في قتل أبيه بسبب قوله { ليخرجن الأعز منهـا الأذل }يعني الأعز نفسه والأذل ـ حاشا المصطفى ـ رسول الله فلم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم بقتله بل نهاه وأمره بحسن صحبته وهو أسلوب عظيم من أساليب مقاومة التطرف بالعفو والمدارة وأما طائفة الخوارج ورائدهـا الذي اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ((اعدل يارسول الله )) ومع إنه اتهام صريح للنبي صلى الله عليه وسلم بالظلم فقد قال له بكل لطف (( ومن يعدل إن لم أكن أعدل)) ونهى عن قتله ووضع لبنة للحوار اتبعها من بعده الصحابي الجليل ابن عباس رضي الله عنه مع الخوارج فرجع منهم ألفا خارجي وهذا مكسب عظيم لأسلوب الحوار مع المتطرفين بل إن النبي صلى الله عليه وسلم حاور أشد طوائف البشر تطرفاً وهم اليهود الذين كانوا أكبر عائق للدعوة في المدينة النبوية هذا وحين ردت عائشة على اليهود الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم (( السام عليكم)) قالت عائشة(( وعليكم السام واللعنة)) ورغم إنهم يستحقون أكثر مما فعلته عائشة رضي الله عنها إلا إن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر عليها ووجهها للأسلوب الأمثل بقوله ((مهلاً يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف ..)) ومن هنا فإن اللين والحوار من أهم الأساليب والوسائل النبوية في مكافحة المتطرفين وإن العنف والتطرف لايقابل بعنف وتطرف مثله.