المقالات

“تلك أمي”

“تلك أمي”
عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي

[JUSTIFY]أمي يبوح لك الألم على استحياء بأتعابه المجهدة وأوقاته الثقيلة.. ويهمس لك الحزن تلميحا ﻷكداره المملة المتعبة.. فتكتمي ياملاك الرحمة والشفقة ماجاءك وأصابك من إجهاد وإنهاك وضيق وعنت وكره ..فما حملتيه كرها وما و ماوضعتيه كرها.. وتظهري على محياك السعادة والبهجة والمسرة والانشراح.. أنت ياأمي المخلوق الجميل..الباهي المخبروالمنظر.. وكأن معاناتها مصدر لسعادتي.. ومشقتها مصدر أفراحي..! وكأن عسرها مصدر يسري!! وياليت يكون فرحها بوجودي نسيان ﻵلامها البائسة.. يالقسوة قلبك أيها الضيف المتلهف المتطلع.. ويالكبر رغبتك للظهور والعلن.. وتمضي أيامي داخلي مستراحي الآمن المنعم.. فما فيه يغني عن الدنيا بملذاتها ونعيمها بلا أي جهد يذكر فيعرف..فكلها اشتهاء في اشتياق.. في ابتهاج.. وأمنية في متعة.. فمن يحتضن بين أحشائه له رحمة لاتقطع ..وعطف لايمنع..بل تفيض وتزيد حتى آخر نفس وتنفس.. عطاء ما بعده عطاء .. تضحية ما قبلها تضحية.. إنها الأم العظيمة التي لا تكل ولا تمل شفقة ومحبة..

ويمضي بي الحال فتنطلق صرخاتي الحادة المزعجة واعتراضاتي المستهجنة.. واستنكاري الفوضوي. .!! قيتم إنهاء مقامي في الظل الجميل وليكون لي مكانا تحت الأشعة الحارقة فوق الأرض ويقضى أمري ويسمح لي بالرحيل القسري بمشيئته سبحانه.. وهناك أصلا من تتألم وتعاني وتجهد بلا أي اعتراض مفترض ..!! تتنفس زفرات الموت.. وتستنشق منغصات الألم.. وبؤس العذاب .. بلسان لا ينطق سوى بعبارة صابرة محتسبة ” فرجك يا الله فرجك يا كريم..هونها يا رب..هونها يا رب. .”

فأخرج لحياتي فقيرا معدما في حينها من كل شيء من الملبس والمأكل والمشرب.. إنه فقر محسوب وجوع معلوم وضمأ مؤكد ولحكمة ومعنى.. !! ياإنسان أتعي وتفهم هذا المعنى جيدا..؟ فلا تعصي من خلقك وسواك من عدم.. ولا تنطق بكلمة (أف) وأن لا تطغى وتتجبر على الضعاف والمساكين فهل أيقنت الحكمة..؟

وتبدأ حياتي.. وتنطلق معاناتي بل حقيقة معاناة الرحيمة العظيمة..فهنا العامين..وكأن الحب والخوف والاهتمام يمدد شعوره لأيام أخر بل إلى أعوام عديدة مما يشاء الله مع أجمل مخلوق عرف في هذا الكون.. فيتحالف الشعور الذي أساسه المودة .. والإحساس الذي مبدأه العشق..مع التعب والسهر والضنك حتى تتم الأيام والشهور على أكمل وجه.. وأطيب حال. . وأنا كيف أرد لك ذلك الجميل؟ وأنا كيف أسدد هذا الدين؟ وكيف أجازي المعروف بالمعروف؟ وهل يسدد دين من وهب هذا العطاء مقابل حياته كلها..؟ مقابل أنفاسه ونبضاته..؟ وهل يرد الجميل لمن كله جميل في جميل..؟ بل حتى لو أردت لن أستطيع فطلقة واحدة تساوي آلام الكون مجتمعة ..!! بل هي” سفيرة الموت “الأولى التي تكتب الاحتمالات لغيرها من الطلقات ما بين حياة حاصلة وعدمها.. ومابين حياة قائمة وضدها. .

هذا ومن هو يعتقد أنه يقدم الرضا فكيف المحروم المتغطرس الذي لا يأبه ولا يبالي برضاها بتوسلاتها بحبها وودها وحنانها ..فذلك الممقوت الذي لا يتحرك له إحساس ولا يستيقظ في وجدانه ضمير.. فإلى متى أيها المسكين تتكبر وتتنكر وتنسى من كانت هي عماد حياتك وأساسها؟ وأنت أيتها العطوفة الرحيمة الغالية..لا تبالي فالجنة تحت أدنى أقدامك.. أمي فداك روحي ونفسي وحفظك الله ورعاك.. ففضلك لا ينكر.. وطيبك لاينسى..وإحسانك لايجحد وبرك في نفسي ليس له مدى..وليت رضاءك يغمرني يا أمي.[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى