“تلك أمي”
عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي
ويمضي بي الحال فتنطلق صرخاتي الحادة المزعجة واعتراضاتي المستهجنة.. واستنكاري الفوضوي. .!! قيتم إنهاء مقامي في الظل الجميل وليكون لي مكانا تحت الأشعة الحارقة فوق الأرض ويقضى أمري ويسمح لي بالرحيل القسري بمشيئته سبحانه.. وهناك أصلا من تتألم وتعاني وتجهد بلا أي اعتراض مفترض ..!! تتنفس زفرات الموت.. وتستنشق منغصات الألم.. وبؤس العذاب .. بلسان لا ينطق سوى بعبارة صابرة محتسبة ” فرجك يا الله فرجك يا كريم..هونها يا رب..هونها يا رب. .”
فأخرج لحياتي فقيرا معدما في حينها من كل شيء من الملبس والمأكل والمشرب.. إنه فقر محسوب وجوع معلوم وضمأ مؤكد ولحكمة ومعنى.. !! ياإنسان أتعي وتفهم هذا المعنى جيدا..؟ فلا تعصي من خلقك وسواك من عدم.. ولا تنطق بكلمة (أف) وأن لا تطغى وتتجبر على الضعاف والمساكين فهل أيقنت الحكمة..؟
وتبدأ حياتي.. وتنطلق معاناتي بل حقيقة معاناة الرحيمة العظيمة..فهنا العامين..وكأن الحب والخوف والاهتمام يمدد شعوره لأيام أخر بل إلى أعوام عديدة مما يشاء الله مع أجمل مخلوق عرف في هذا الكون.. فيتحالف الشعور الذي أساسه المودة .. والإحساس الذي مبدأه العشق..مع التعب والسهر والضنك حتى تتم الأيام والشهور على أكمل وجه.. وأطيب حال. . وأنا كيف أرد لك ذلك الجميل؟ وأنا كيف أسدد هذا الدين؟ وكيف أجازي المعروف بالمعروف؟ وهل يسدد دين من وهب هذا العطاء مقابل حياته كلها..؟ مقابل أنفاسه ونبضاته..؟ وهل يرد الجميل لمن كله جميل في جميل..؟ بل حتى لو أردت لن أستطيع فطلقة واحدة تساوي آلام الكون مجتمعة ..!! بل هي” سفيرة الموت “الأولى التي تكتب الاحتمالات لغيرها من الطلقات ما بين حياة حاصلة وعدمها.. ومابين حياة قائمة وضدها. .
هذا ومن هو يعتقد أنه يقدم الرضا فكيف المحروم المتغطرس الذي لا يأبه ولا يبالي برضاها بتوسلاتها بحبها وودها وحنانها ..فذلك الممقوت الذي لا يتحرك له إحساس ولا يستيقظ في وجدانه ضمير.. فإلى متى أيها المسكين تتكبر وتتنكر وتنسى من كانت هي عماد حياتك وأساسها؟ وأنت أيتها العطوفة الرحيمة الغالية..لا تبالي فالجنة تحت أدنى أقدامك.. أمي فداك روحي ونفسي وحفظك الله ورعاك.. ففضلك لا ينكر.. وطيبك لاينسى..وإحسانك لايجحد وبرك في نفسي ليس له مدى..وليت رضاءك يغمرني يا أمي.[/JUSTIFY]