المقالات

نحن والاتقان..وأرامكو

نحن والاتقان..وأرامكو .!!
عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي

[JUSTIFY]بعد حرب الخليج الأولى.. وتحديداً في عام 1411هـ، كنا مجموعة من الطلاب المتقدمين لإنهاء إجراءات قبولنا في مدينة الظهران في حي”المنيرة” التابع لأرامكو-شركة الزيت العربية السعودية-وفجأة توجهت أنظارنا صوب مركبة المهندس “علي النعيمي” رئيس الشركة آنذاك .. وهو في انتظار كغيره من الموظفين إنهاء الإجراءات الروتينية من قبل أمن الشركة للتحقق من الهويات ملتزما بربط حزام الأمان..فعرفت حينها أنها رسالة راقية وللجميع بأهمية النظام..وعرفت أن أحد أسباب نجاح هذه الشركة العملاقة هو وجود القدوة الحسنة والمتمثلة في معاليه ..وأنا هنا لا أتحدث عن أرامكو فيما يخص الاتقان..فمنهجها ونتائجها وأرقامها تغني عن كل ثناء ومدح..وكأنها باختصار شديد طبقت حرفياً أحد معاني الجودة الشاملة “فعل الأشياء الصحيحةبطريقة صحيحة من أول مرة وفي كل مرة”..

فمن يعمل فعلاً بجودة وتميز ..لايحتاج إلى العناوين البراقة والجمل الفخمة والعبارات التنظيرية.. ولكن يسير على خطى الأهداف المرجوة والعمل بصمت وفي المحصلة النهائية الأرقام لاتكذب ولاتجامل أحد.. ولن أنسى هنا وعلى عجالة “أبو الجودة العالمية” مهندس التصنيع إدوارد ديمنج -دكتوراة في الرياضيات والفيزياء- العالم المتخصص في الجودة والذي لم تتاح له الفرصة بأن يطبق نظرياته في بلده الولايات المتحدة الأمريكية ولكن استطاع أن يحققها في اليابان وكان له دور عظيم في النقلة الاقتصادية الهائلة لليابان ..والتي اعترفت بفضله فأنشأت جائزة تقديرية باسمه للجودة الشاملة..

ولكن أتحدث هنا عن الإدارات المختلفة والتي صباح مساء تنادي بتطبيق الجودة في معاملاتها وداخل مؤسساتها المدنية ونأمل ذلك والله..فما الجودة إلا الاتقان والتميز في أبسط تعريف وفي أبسط صورة.. وعموماً وفي حال اقتناع الإدارة العليا وإيمانها بالجودة تطبيقا عمليا مباشرا ..لاقولا نظريا فقط.. كماهو متبع في بعض المؤتمرات واللقاءات والمحاضرات .. وكان الفعل أصدق من القول كنا وكانت هذه الإدارات المعنية أقرب إلى تحقيق الواقع وتطبيق القواعد وفقاً للتنظيمات والمقاييس المحلية أوالعالمية..ويكون التطبيق بطبيعة الحال من أعلى إلى أدنى من الإدارة العليا إلى الإدارة الوسطى إلى الإدارة الدنيا..وذلك ﻷن الإدارة العليا تقوم بدور قيادي لتنسيق الجهود وتوحيدها لتحقيق الخطط والبرامج ..ويكون الدور التنفيذي مهمة العاملين من خلال اللجان أو الفرق المتخصصة..

ومايهمنا كأفراد مجتمع هو الاقتداء بما ورد في محكم التنزيل من حيث التقيد بالاتقان في كل شؤون حياتنا
قال تعالى(صنع الله الذي اتقن كل شيء)-سورة النحل آية:88- وقال الحبيب المصطفى (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)فمن هنا أهمس في أذن كل موظف -وكلنا ذلك الرجل-وموظفة أيضاً..أن لاننتظر من يصدر لنا الأنظمة والقوانين حتى نعمل ونتقن عملنا طالما توافرت لنا أدنى مقومات النجاح..بل نحتسب أي شيء نفعله عندالله.. فلو كل فرد ربط اتقان عمله بالمولى سبحانه..ولم يعمله رضا لمسؤول أو مدير.. لكانت أعمالنا كلها ذات جودة عالية وذات تميز باهروهذا مايرضي مولانا.. ويراه الناس..والناس شهود الله في أرضه. قال تعالى(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)-سورة التوبة:آية 105-
وعندما نفرض حسن الظن في كل موظف وموظفة بأنه قام بواجبه على أكمل وجه من غير تقصير أوتسويف.. وراقب الله في كل لحظة ماذا سيكون حالنا..؟ نجد أن الرضا والسعادة والابتسامة..تعلو محيا الجميع..وكل فرد استكمل حقه على أكمل وجه..وكانت لدينا نسبة اتقان باهرة في كل أعمالنا ومهامنا..وتحققت آمالنا المنشودة منذ زمن بعيد ..!!

لمن يحب وطنه وأمته.. ولمن يتقن عمله.. الأعمال المميزة تتحدث عن نفسها ولاتحتاج لسن قوانين أو فرض تعاميم..بل تحتاج إلى مبادرات شخصية.. ورحم الله المتنبي حين قال..”ولم أرى في عيوب الناس عيبا… كنقص القادرين على التمام “.[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى