شُهَدَاءْ رَافعة الحَرم
نبيه بن مراد العطرجي
مَكة المكرَمة … مَهبط الوَحي … حَاضنة بَيت الله الحرَام بَين جبَالها ، وفِي جَوفه الكَعبة المشّرفه … قِبلة المسلمِين … أختَارها الله دُون سَائر البلدَان لتتجِه لهَا الجبَاه وتَسجد فِي كُل يَوم وليْله خَمس مَرات … تَزورهَا الأنْفس فِي العُمر مَرة لتُقيم شَعيرة الحج خَامس أركَان الإسْلام .
وقَد أولتْ حُكومة مملكتنَا الرَشيدة إهتمَام بَالغ بالمسْجد الحَرام ، وتَصرف عَليه مِليارات الريَالات مِن أجَل رَاحة زُوار بَيت الله العَتيق ، والرُقي ببنَائه الذِي يُعد حُصن حصِين {… وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا …} ومَا حَصل مِن أمْر قَدرة الله عَصر يَوم الجمعَة 27-11-1436ه لسِقوط الرَافعة البُرجيه التِي تُعد ثَاني أكبر رَافعه في الشَرق الأوسط ، وخَامس أكبَر رَافعه فِي العَالم ، وتَعمل ضِمن مَجموعة الرَافعات لتَوسعة الحَرم المكِي الشَريف ، ورَاح ضَحيتها عَدد مِن
الحجَاج {… قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ …} أختَصهم الله عَز وجَل دُون غَيرهم بِذلك ففَازوا بِشرف المكانْ ( الحرَم المكِي الشَريف ) والزَمان ( يَوم الجُمعة مِن شَهر ذُو القِعدة أحَد الشُهور الحُرم ) والشِهادة ( قَال عَليه الصَلاة والسَلام : الشُهداء خَمسة وذَكر مِنهم
صَاحب الهَدم ) .
والمتَأمل فِي ملكُوت الله ، وفِيما حَصل بالمَسجد الحَرام مِن سقُوط لتِلك الرَافعة العِملاقة بِعقلية العقَلاء ، ورَوية الحكمَاء ، ونَظرة الأمرَاء يَعرف يَقيناً أنّ الكَارثة التِي حَصلت ، ودَوى صَداها هنَا وهنَاك ، وهَزت العَالم أجمَع ليْس لهَا عِلاقة بِهذا أوْ ذَاك ، أوْ لأحَد يَد فِي إسقَاطها ، وإنمَا هيّ إشَارة إلاهِية مِن الموْلى تَبارك وتعَالى فِيها دَليل عَلى قُوته وعَظمته ، فحصُول هَذه الكَارثة تَنبيه لكُل مَن يَحيا عَلى أرضْ الدُنيا بأنّ عَذاب الله شَديد ، فالريَاح الشَديدة والصَواعق القَوية والأمطَار الغَزيرة التِي تَعصف بالبِلاد إشَارات مِن الله للعبَاد أجمَع بأنْ يَعودوا إلَى سُبل الصَواب .
اللهُم هؤلَاء عِبيدك قَد أتُوا إلَى بيتِك الحَرام مُلبين قَاصدين الحجْ ليَفوزا بِمغفرتك عِند وقُوفهم بِمشعر عَرفات ، وقَد أختَرتهم إلَى جوَارك فِي بيتكَ الحَرام قَبل أنْ يَوم الوقفَة ، فيَا الله أكتُبهم عِندك مِن الشٌهداء ، وأسكنَهم الفِردوس يَارب العَالمين .
اللهُم أحسِن عزَاء ذوِيهم ، وألهمهُم الصَبر والسِلوان .
{… إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }.
[/JUSTIFY]