الوقت ! ، ماهي طبيعته؟ ماهي المشكلة المسببه لضياعه؟ ولماذا لا نستطيع تنظيمه؟ وكيف نستفيد منه ؟ كيف نقضي على أسباب ضياعه؟
كل هذه الأسئلة مرت بي وأنا أحاول أن أفهم لماذا نتأخر عن بعض أمم الأرض بهذا العدد الضخم من السنوات الضوئية! من يحدق مليًّا فيما ورد في القرآن الكريم، أو في الأحاديث والروايات، أو في الأخبار والآثار والتاريخ، يجد مثلًا أن “العصر” – صلاة- وهي مرتبطة بـ”وقت”، و”الضحى” -أيضًا- “وقت”، وكذلك “الفجر” و”الليل” و”النهار” و”الوتر”، كلها عبارة عن “أوقات” مرتبطة بشكل معين من أشكال الأعمال أو العبادات أو الطقوس أو الحركات التي يقوم بها الإنسان المسلم بصفة معينة، وفي حديث معاذ أيضًا، وردت كلمات مثل: “عن عمره” -أيضًا- “وقت”، “فِيمَ أفناه”؟ – فعل مرتبط- بـ”وقت”، “وعن شبابهِ” – فترة “زمنية” مرتبطة بمجموعة متراكمة من “الأفعال”، “وعن علمه ماذا عمل به”؟ “وعن ماله”، “كيف اكتسبه؟ وفِيمَ أنفقه”؟ كل هذا مرتبط بفترة زمنية، أو بمعنى أدق مرتبط بـ”وقت”. بسبب هذا العنصر الفعال الذي لا نحسن التعامل معه، ولا كيفية الاستفادة منه كما يجب، لابد من قرع جرس “الإنذار” في مجتمعاتنا الإسلامية، والتي بدأت تتخلخل بهدره وقتله، وبدأ يتضعضع لديها “أهمية الإحساس بالوقت” ويكاد يسقط من حساباتها كعنصر مهم للرضى والسعادة والتوفيق، ولولا فسحةٍ من أمل دائمًا تظهر عند انعدام الوسائل والسبل، لتفشى اليأس واللامبالاة والإحباط في كل أركان هذه المجتمعات، فهل نحن نخطئ كثيرًا في حق أنفسنا وحياتنا ومجتمعنا وأخلاقنا بإفسادنا لعنصر مهم في مسار يحقق لنا النجاح والتقدم والرقي، وقبل ذلك وبعده رضى ربنا؟! سريع، يمر بك مرور السحاب، أسرع من موجٍ هادر، من سحاب عابر، يجري جريان الريح، وإذا مضى لا يعود، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تعويضه، ذلك هو “الوقت” “Time Is Money” “الوقت هو المال” و”المال هو الوقت”.
حقيقة أصبحت واقعًا، قامت إحدى الجمعيات الطبية في أمريكا بإعداد دراسة إحصائية عن إحدى المشاكل التي تتعلق بـ”الوقت” الذي يقضيه المريض من لحظة دخوله وحتى لحظة خروجه من إحدى العيادات التي تشرف عليها تلك الجمعيات، فوجدت أن متوسط بقاء المريض في انتظار دوره لإجراء الكشف كان يتراوح بين عشرة إلى عشرين دقيقة، فقامت بإيجاد حل ذكي كي تقوم بتسريع هذه العملية، ورأت بأن من واجب تلك العيادة أن تدفع للمريض الذي ينتظر مبلغًا محددًا عن كل دقيقة بعد تلك العشرين دقيقة، وبالفعل فقد تم توقيع بعض العقوبات المالية على الأطباء المقصرين، والذين يتهاونون في أداء عملهم، وقد تحسنت بالفعل بعد ذلك الخدمات التي تقدمها تلك العيادة، بينما في المقابل في دراسة إحصائية أخرى، أكدت أن أكثر من 50% من موظفي القطاع الحكومي في إحدى الدول يتأخرون عن مواعيد العمل الرسمية، و50% ينصرفون قبل موعد الانصراف، وأن أكثر من 50% منهم يقومون بتعطيل مصالح العمل من دون أسباب، وأكثر من 40% يتكاسلون في أداء مهامهم، و40% يعتبرون العمل مجالًا للهو والتسلية، وأكثر من 50% منهم هناك تداخل بين اختصاصاتهم، غير نسبة لا بأس بها ممن يتحدث في أمور شخصية، وأكثر من 50% يبحثون عن موضوعات لا تتعلق بالعمل، وكذلك نسبة لا مانع لديها من استقبال الزوار أثناء الدوام الرسمي.
فهل حقًّا أننا نتفنن في إضاعة الوقت وقتله؟! هل ندرك أهميته؟! هل ندرك أننا نقتل أنفسنا بالإجهاد والإحباط ونحن لا نعلم أن المشكلة تكمن في عدم تنظيمنا للوقت، وأننا لا نتعامل معه باحترافية وتميز؟! .
إن إجادة الفرد في إدارة نفسه بنفسه، وإدارته الفعالة لوقته هي “إدارة ناجحة للذات”، كما أن إجادة إدارة الأعمال التي نقوم بمباشرتها بأقل جهد وأقصر وقت، وجمع المعلومات، والتخطيط المستقبلي، والتنظيم والإبداع، والتحليل والتفكير بإيجاد الحلول، وترويض الوقت بالسيطرة عليه، والاستفادة من الوقت الضائع، واستغلاله بشكل جيد، واستشراف الواقع، ووضع الأهداف، وتحديد الأولويات، وتحديد الأنشطة وبرامجها الزمنية هي من سمات القادة الناجحين. هل تعلم أنك إذا أضعت 15 دقيقة يوميًّا في عملك فإنك ستضيف 13 يوم عمل إضافي إلى كاهلك في تلك السنة؟! وهل تعلم أن نصف ساعة قد تعني 26 يومًا، وبهذا تصل إلى أن قرابة الشهر تقريبًا يضيع من عامك بسبب 30 دقيقة أضعتها في توافه الأمور وسفاسفها؟!
يجب أن نعرف كيف نستفيد من وقتنا، وماهي العوامل التي تبدد أوقاتنا؟ يجب أن نختار أهدافنا المستقبلية ونقوم بالتخطيط لما نطمح أن نصل إليه، يجب أن يكون لنا أسلوب حياة ممنهج ومقنن وواضح نتبعه، يعتمد على أن ندرك أهمية الوقت أولًا، ثم نقف وقفة حازمة مع أنفسنا، ثم نقوم بتحديد أولوياتنا بشكل جيد، ثم نقوم بالبدء في بناء الأفكار وتسجيلها؛ ومن ثم نقوم بتنظيم مكان العمل، ونركز جيدًا فيما بين أيدينا، ولا مانع من تعلم الإفصاح جيدًا عن رفضنا باستخدام كلمة “لا” أحيانًا، وألا نقوم بتكرار الأخطاء مرةً أخرى حتى لا تضيع مجهوداتنا من غير فائدة.
وأخيرًا أن نبدأ بالتخطيط المنطقي. اعلم أن: المماطلة – التأجيل– مرغمٌ أخاك لا بطل– خمول ما بعد البداية الحماسية – الخوف من المجهول– الخلط بين الأولويات– التردد بين القبول والرفض– عدم الإنصات وإكثار الجدل– تكرار المجهود الفاشل– التخطيط غير المدروس- التفكير غير الواقعي– قلة الحرص في تطبيق النظام– كثرة الانتظار– كثرة الورق، هذه كلها أعداؤك التي تسرقك وتسرق وقتك فاحذرها.[/JUSTIFY]
صدقت وارى ان ترتيب الاولويات من اهم ما نفتقده في مجتمعنا وبشكل خاص في كيفية إدارة الوقت ، مقالة جميله وفي الصميم ولكن نتمنى ان لا نصل لمسألة لا حياة لمن تنادي