لا يمكن أن يكون شعور أي مسلم غيور على دينه عند سماعه لخبر سقوط رافعة في المسجد الحرام من تأثير العواصف التي اجتاحت مكة المكرمة يوم الجمعة إلا الألم والحزن والتأثر لمن أسلموا أرواحهم لبارئهم في ذلك الحادث ، وتمني الخير لهم لعظمة ومكانة المكان الذي فارقوا فيه الحياة ، والدعاء لهم بالرحمة وحسن القبول ، وكذلك التأثر للمصابين مع الدعاء لهم بالشفاء العاجل .
لكن أعداء الدين وجيوش الشامتين سرعان ما تلقوا الخبر بالغبطة والسرور وراحوا يكيليون الشتائم للدولة ومؤسساتها ، وبدأت تهم التقصير والتفريط تنطلق من أفواههم ، وكأنهم ينتظرون على أحر من الجمر أخبار عن أي كوارث طبيعية تصيب المسلمين في بلاد الحرمين حتى يرمون بها حكومة هذه البلاد وقادتها لأهداف بعيدة كل البعد عن حرصهم على سلامة حجاج بيت الله الحرام وأمنهم .
إن ما تواجهه بلادنا للأسف من أعداء الملة والدين أكبر من أن يوصف ، وما نعيشه في موسم هذا الحج تحديداً هو مسؤلية كبيرة جداً تحتاج من الجميع التكاتف والعمل الدؤوب والتنسيق المستمر واستشعار المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق الجميع في هذه البلاد المباركة للخروج بموسم حج إستثنائي في ظروف إستثنائية .
ويغني عن كثير الكلام معرفتنا أن قدوم حجاج بعض الدول التي تعاني من اضطرابات سياسية داخلية يشكل عبء على الدولة وأجهزتها ، ووجود حرب على حدودنا الجنوبية ضد الإنقلابيين ومن يساندهم يشكل عبء آخر .
وما تقوم به أجهزة الدولة في مواجهة التحركات الإرهابية في الداخل وملاحقة أفرادها وخلاياها هو بالتأكيد عبء كبير يستنزف جهود الدولة .
وما تقدمه الدولة من مشاريع توسعية للحرمين وللخدمات المرتبطة بتطوير الخدمات المقدمة لحجاج ومعتمري البيت الحرام حول المدينتين المقدستين هي ورشة عمل كبرى لا يتوقف العمل فيها وبإتقان شديد يشهد به القاصي والداني ، ناهيك عن ما تواجهه وزارة الصحة في مواجهة وباء ” كرونا ” مع مهامها المباركة في توفير الرعاية الصحية لحوالي مليونين من الحجاج خلال موسم الحج .
وما تعانية وزارة الحج وفرق عملها في توفير المساكن والمخيمات الآمنة والمريحة للحجاج في ظل تقلبات جوية مريعة يستحق الإشادة .
وما تقدمه بقية أجهزة الدولة من خدمات جبارة في مجالات التغذية والنقل والمواصلات والمرور والخدمات البلدية والتنظيم وكل ماله علاقة براحة الحجاج لهو محل تقدير واحترام المنصفين .
لكل ذلك جدير بنا أن نستمر في العمل والبذل والتضحية والتفاني في خدمة حجاج بيت الله الحرام لتشريف المولى لأهل هذه البلاد بهذه المهمة الشريفة ونعلنها على الملأ وبفخر وأعتزاز كبيرين بأن قافلة العطاء ولله الحمد تسير في طريقها الصحيح ، وشتائم الحاقدين مستمرة لا تتوقف .
ومن لا يبصر الشمس في رابعة النهار هو أعمى بصر ، ومن لا يشعر بدفئها هو ولا شك أعمى بصيرة ..