هو عَلَمٌ من أعلام الطوافة المعاصرين ومرجع من أهم مراجعهم، عَشِقَ الطوافة وعَمِل بها من صغره حتى ارتبط اسمه بها، وارتبطت به.
عرفته قبل عشر سنوات، وبالتحديد في موسم حج عام ١٤٢٥ من الهجرة المشرفة. منذ تلك السنة وحتى السنة الماضية، كنت أعمل سكرتيرًا في مكتبه في المواسم، ثم مديرًا لمكتبه لستة أشهر عام ١٤٣٤هـ.
ذلكم هو الأستاذ عبد الواحد بن برهان سيف الدين أو أبو أحمد أو برهانو بحسب من يُخاطبه.
عندما ترجّل عن منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج الدول الأفريقية غير العربية ومنصب رئيس الهيئة التنسيقية – وهي مناصب تَشرفت به – حزنت وفرحت. حزنت لأن المهنة المباركة خسرت رجلًا من خواص رجالها، وفرحت عندما عايشته من شدة تفانيه في العمل – لدرجة العشق أو الجنون سمها بما شئت – وليقيني أنه قد بذل الجهد واستفرغ الوسع، وآن له أن يرتاح وآن لأهله أن يهنئوا به.
عند ذلك، قررت أن أكتب عنه، عرفانًا بفضله وتعريفًا به – مع أنه أشهر من أن يُعرَّف- .
تعلمت من سيدي أبي أحمد حب الطوافة – رغم أني لست بمطوف – وتعلمت منه حسن التعامل والتخاطب، وتقدير الكبير والصغير، والتفاني في العمل واستشراف ما فيه مصلحة الحجاج وقاصدي بيت الله الحرام.
امتاز الأستاذ عبد الواحد بسعة الاطلاع ومعرفته لخصائص البلدان التي تخدمها المؤسسة وعاداتها ورجالها، كما امتاز – حفظه الله – بمعرفته للعديد من اللغات واللهجات التي كان يخاطب بها الحجاج مما أكسبه محبتهم وتقديرهم.
كانت مصالح الحجاج والمطوفين، شاغل أبو أحمد الشاغل حتى لتُراه في مكتبه حتى منتصف الليل معظم السنة وحتى الفجر غالب أيام الموسم.
مما يجهله كثير من المطوفين فضلًا عن الناس أن أبا أحمد مرجع في شؤون الطوافة والمطوفين وكل ما يتصل بالمهنة المباركة؛ حتى إنه ليصح أن يُقال عنه إنه موسوعة في هذا الباب.
ترك الأستاذ عبد الواحد المؤسسة واستلم قيادتها شاب، كان يتوسم أبو أحمد فيه الخير، أسأل الله له السداد والتوفيق هو وفريقه.
لكنني مؤمن أنه ما لم يُستفد من الأستاذ عبد الواحد في منصب استشاري؛ فإن منظومة الحج قد خسرت قامة إدارية كبيرة.
كتبت هذا الكلام عرفانًا للأستاذ عبد الواحد وشكرًا له، ولعل الله يُكرمني فتكون هذه الخاطرة بداية لسلسة عن الطوافة والحج ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا.