المقالات

إلى طَيَبَةَ المَسِيرُ

مناجاةِ حاج “4”

إلى طَيَبَةَ المَسِيرُ
عبد الرحمن بن عبد القادر الأحمدي

[JUSTIFY]إِليكِ تُشدُّ الرِّحال ـ بعدَ أُمِّ القُرى يا أجملَ البقاعِ ـ طاعةً.. يَفيضُ الدَّمعُ بكِ ومنكِ حُبًّا وصدقًا وطِيبًا وسماحةً..يامأَرِزَ الإيمانِ..لكِ يَتضاعف الودُّ بعدَ الودِّ .. والمحبَّةُ تَعلو المحبةَ..لكِ قبل حُلول المسيرِ شوقًا .. تزداد وتيرة النَّبض في القلب عشقًا..ليصلَ إلى مُرتَجى قد حَانٍ .. ويُعاد العشق عقبَ العشقِ وَصْلاً أكثرَ ممَّا كان..!! ولايَحتمل الوقتُ تأخيرًا.. ولا تَحتمل النَّفسُ تسويفًا .. ولا يَحتمل الفؤادُ تأجيلاً .. يَالِحُبّك الكبيرِ .. يَالِقدرِكِ العظيمِ .. أنتِ طيبةُ الطِّيبةَ .. أنتِ حُبُّ المصطفى .. أنتِ مَهْجَرُالنبي الحبيبِ الْمُجتبى ..

ويبدأ الكلامُ الفريدُ المديدُ ثمَّ ما يلبثُ أن يَتعثَّرَ .. يَزدادُ تارةً .. ويَنقصُ تارةً أُخرى .. تُكتبُ كلمةُ .. وتُضافُ كلمةٌ .. وتُبعَدُ كلمةٌ .. وتتِيهُ المعانى ..!! فالموقف أكبرُ من كلمة ..!! والموقف أكبرُ من معنى ..!! ويذهب النَّظرُ بعيدًا وقد لا يرجع ..!! يَصل لِلمدى البعيدِ هناك ..بعد أن ضاقَ من الْمُتَّسع القريب هنا..!! والأنفاس تَتلاحقُ وتَتسابقُ.. بل وتَتبعثر؛ تَصعدُ مرَّةً .. وتَهبِطُ مرَّاتٍ عدةً..!! والبَسَمات على مَرافِئ الثُّغورِ .. تَظهرُ .. وتَتجلَّى .. وتَتجدَّد .. وتَسعد .. وأيُّ بهجةٍ! وأيُّ سعادةٍ! لِمَا سيكون ويَحدث..!! يالعشقِكِ القديمِ يا طيبةُ ..!! يالغرامِكِ العتيقِ يا طيبةُ ..!! يالحُبّك العجبيبِ يا مأوى المهاجرين ..!! يا أُنشودةَ الأنصارِ العظيمة: (طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنَا .. مِنْ ثَنِيَّاتِ الوَدَاعِ)..

وعلى حدِّ حدودِكِ تَسري أحاسيسُ السَّكينةِ في عمق النُّفوس وتتمكن .. وتَرتسِم عَذْبُ البسماتِ على مَطلَع المُحيَّا وتسكن .. والآهات تتزاحم وتكبُر .. والعَبَرات تَنساب وتكثُر ..والأشواق تَهِيم وتذوب وتتعطَّر .. من حيثُ نعلمُ بها .. ومن حيثُ لا نعلمُ .. من حيثُ نَدري عنها .. ولا نَدري .. إنه الهوى الجميل المباح..
وكلُّ ذلك لِلهْفةِ الشَّوقِ للسَّلام على الحبيب محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم .. في مَرقَدِه .. من أجل الصَّلاة في روضته .. من أجل أداءِ الفريضة في مسجده .. كلُّ ذلك بالتَّأسِّي بسنَّته .. حبيبي أنت أيُّها الرَّحمة الْمُهداة .. سيدي أنت أيُّها الخير الْمُرسَل .. فداك ـ يارسول الله ـ كلُّ ما أَحوزُ وأَملِك ..هكذا؛ ونحن يحصل لنا ما يحصل .. بعدَ ألفٍ وأربعمائةِ عامٍّ .. فكيفَ لو كُنَّا نحن معه في يوم و عهد ذلك العامِّ ..؟؟ هكذا؛ ونحن لم تلمسْ يدُنا يدَهُ الكريمةَ .. فتتعافى الآمُنا .. وترحل عنَّا متاعبُنا الرَّابضة ..وجراحاتُنا الدَّائمة ..وظُنُونُنا المخجِلة .. بلا عودة. هكذا؛ ونحن لم تتكحلْ أعيُنُنا بعينه الشَّريفة .. فينير نورُهُ بصيرتَنَا .. وتضيء به أَسْبَارُ صدورِنا.. (إِنَّ الرَّسُوْلَ لَنُوْرٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ) ..

يا شوقُ بربِّك ارحمْ حالَنَا .. فقلوبُنا لاتتصبر .. وأعيننا لاتقوى.. وأجسادُنا لا تَحتمل .. وأنفاسُنا لا تستطيع كلَّ هذا الشَّوقِ الكبيرِ .. وكلَّ هذا الحُبِّ الصَّادقِ .. وكلَّ هذه المعاني الصَّافيةِ . .فحُبُّنا في حبيبِنا أكبرُ من حبِّنا في سواه؛ أكبرُمِن حُبِّ أُمٍّ .. أو حُبِّ أَبٍ .. أو حُبِّ أخٍ وأختٍ .. أو حُبِّ صاحبَةٍ وولدٍ . .طيبةُ ستَظَلِّي نورًا يسطعُ في الكون دائمًا ..مشى عليك نورٌ خالدٌ .. فكان نورًا على نورٍ .. وكنتِ أنتِ مدينةً من نورٍ .. ياطيبةَ الطيبةَ.[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى