قضى حجاج بيت الله الحرام ليلة عرفة في مشعر منى في سكينة وسرور.. وذكر وتلبية وتسبيح وتهليل، وبعد أداء صلاة العشاء خرج كثير من الحجاج بعوائلهم من المخيمات يتجولون في نواحي منى ويتعرفون على الطرقات، ويتبضعون من المطاعم والدكاكين بعض مستلزماتهم، ويتبادلون أطراف الحديث، وتوافد كثير من المفترشين غير النظاميين لنواح عدة في مشعر منى. وفي صبيحة يوم عرفة بدأ زحف الحجيج يتوجهون صوب عرفة حسب خطة التفويج، أرسالاً وزروفات، عبر باصات النقل، وقطار المشاعر، على أن هناك ملاحظات لوحظت في التفويج أثناء ذلك نؤجلها في آخر حلقة-إن شاء الله- فوصول الحجيج كان متفاوتاً، فمنهم من تأخر وصوله قبيل الظهر وبعده رغم خروجهم مبكراً بعد الفجر. استقر الحجيج في مشعر عرفات كلها، وشوهد آلاف الحجاج المشاة العشوائين يملأون نواحي وفجاج عرفات في كل حدب وصوب، واكتظ مسجد نمرة وما حوله والطرقات المؤدية إليه بالحجيج، وامتلأت الطرقات والممرات بالمفترشين من الحجاج غير النظاميين، في منظرٍ روحاني مهيب، ولهج الجميع بالتلبية والتهليل والذكر والتكبير والتسبيح، إلى أن بدأ سماحة المفتي العام العلامة عبد العزيز آل الشيخ يخطب خطبة الحج، بعد أن ظن الناس أن سماحته لن يخطب هذا العام، لظروفه الصحية، إلا أنه تحامل على نفسه على القيام بهذه الشعيرة التي كلف بها لأكثر من عشرين عاماً وكانت خطبة سماحته كما يعهدها الناس في كل عام جامعة شاملة يعالج فيها احتياجات المسلمين، وقضايا الأمة الإسلامية جمعاء، بأسلوبٍ شرعيٍّ سهلٍ، يوجه الجميع بما تأمرهم به الشريعة الإسلامية وآدابها وسماحتها في كل ما يحتاجونه، ذَكَّرَ سماحته المسلمين بتقوى الله، والعمل بشريعته، خاطب سماحته المسلمين عامة، والحكام، والدعاة، والعلماء، والوزراء، والإعلاميين، والشباب، والحجاج، والأمة الإسلامية، وبين فضل مكة والمدينة في الإسلام، وما تبذله الدولة في خدمة المسجدين الشريفين، ونصح ووجه كل فئة بما تحتاجه، ويلائمها نصح نصح الحكيم المشفق، والمصلح الناصح الجميع، من منطلق مسؤليته العلمية والدينية، تجاه عموم المسلمين، وأبلغ في النصح رغم مرض سماحته الشديد، وكأنها موعظة مودع منه. وكان اليوم حاراً والشمس ساطعة وعمودية، واصطحب بعض الحجاج أطفالهم رغم المشقة الشديدة التي عانوا منها. وللحديث صلة إن شاء الله.
د. سامي بن أحمد الخياط