ومَضت الأيَام يَوم بَعد يَوم حتَى أنْفض مُوسم الحجْ ، آخِر مَواسم الخَيرات لهَذا العام 1436ه ، ورَحلت أيَامة المعْلومات بِخيرها الوَفير {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} فَهنيئاً لمنْ بَذل فِيها الجُهد كمَا أمَره الموْلى تَبارك وتَعالى ، وجنَى مِنها الكثِير مِن ثمَار الخَير ليَنعم بهَا بَعد الرَحيل لرَب العَالمين يَوم لَا يَنفع مَال ولَا بَنين ، وقَد تضَاعفت أضْعافاً مُضاعفة .
وهَاهم وفُود الله قَد أتمُوا منَاسك فَريضة الحجْ بِيسر وسِهولة ، تَرعاهم بَعد رعَاية الله أعيُن ولَاة الأمْر بأيَادي حنُونة أمِينة هيئَت لهُم كُل سُبل الرَاحة والإطمئنَان والأمْن والأمَان حتَى فَرغوا مِن فَريضتهم ، واليَوم بَعد أنْ ودعُوا البَيت العتِيق بطَواف الودَاع رَحلوا إلَى ديَارهم كمَا أخبَرنا المصْطفى صَلى الله عَليه وسَلم : (مَن حَج فَلم يَرفث ولمْ يفسُق ، رجِع مِن ذنُوبه كيومَ ولدَته أمّه) . ولكِن :
مَاذا أنْت فَاعل يَا منْ تَخرجت مِن هَذه المدرسَة الإيمَانية بَعد أنْ فُزت بإتمَام أرْكان الإسْلام ؟
وأنْعم الله عَليك بأنْ تَكون فِي هَذا العُمر وقَد غَفر لكَ ذنُوبك لمـَا رُوي عَن رسُول الله صَلى الله عَلية وسَلم أنّه قَال لعُمر بِن العَاص – رَضي الله عَنه – : ( … وأنّ الحجْ يَهدم مَا قَبلة ) وقَوله عَلية الصَلاة والسَلام : ( … الحجْ المبْرور ليْس لَه جَزاء إلّا الجَنة ) .
قِف مَع نَفسك يَا مَن كُتب لكَ الوقُوف بِمشعر عَرفه ، وحثَها عَلى الإستِمرار بالإبتعَاد عَن الرّفث والفسُوق والجَدل ، وكُل الأفعَال التِي لَا تُجني منهَا خَير ، وأبتعَدت عنهَا أثنَاء آدَاء الفَريضة ، وألزِم نَفسك بهَا طِيلة أيَام السَنة ، وكُن ممَن يلِج مسْلك الصَالحين ويسِير فِيه لتَنعم بالإطمئْنان والرَاحة فِي كِلا الدَارين .
فيَا ضَيف الله … أتَيت إلَى وطَنك الثَاني مُلبياً لندَاء ربِك ، والدَمع عَلى وجنَتيك يَنهمر ، تَرجو رحمتَه وغفْرانه ، وإنْ شَاء الله قَد فُزت بِذلك الأمَل الذَي تَأمل مِن الله أنْ يُحققه لكْ ، وبَعد أنْ شَارفت رحْلتك الإيمَانية عَلى الختَام ، وأنتَ مُغادر إلَى ديَارك وأهلك طَاهراً نقياً نستَودعك الله الذَي لَا تَضيع ودَائعه .
وكُل عَام وأنْتم بِخير ،،،،