قبل عقد من الزمان ومع انطلاق مشروع خدمات العمرة الإلكترونية بالمملكة، طلب مني معالي وكيل وزارة الحج لشؤون العمرة في ذلك الوقت الدكتور/ محمد صالح بن طاهر بنتن الذي يرأس الآن مؤسسة البريد السعودي والذي يُعد بحق المهندس الأول لنجاح مشروع الخدمات الإلكترونية للعمرة، وكنت حينها مستشارًا إعلاميًا غير متفرغ بالوزارة لإعداد مشروع كتاب لتوثيق كل إنجازات وأعمال القطاعات ذات العلاقة بالحج والعمرة والتي قد لايعرف الناس عنها إلا القليل، بل إن بعض الإنجازات الكبرى التي تصب لراحة وسلامة ضيوف الرحمن وتنفق عليها الدولة مئات الملايين من الريالات لايعلمها غير المختصين، وفعلًا بدأنا المشروع وكنت أزور مؤسسات الطوافة والزمازمة، ومكاتب الإدلاء، وشركات العمرة، ومراكز التدريب بالوزارة وغيرها من القطاعات الحكومية والأهلية للسماع منهم عن أعمالهم إلا أن المشروع توقف بعد انتقال الدكتور (محمد بنتن) لرئاسة مؤسسة البريد السعودي، والتي نجح في انتشالها وهي في غرفة الإنعاش، وتمكن مستعينًا بالله ثم بالدعم اللامحدود من قادة الوطن من وضعها على الطريق الصحيح لتنافس خلال أقل من عقد من الزمان على المراكز العالمية وليدخل البريد السعودي كل بيت وإدارة حكومية بالمملكة.
ومن خلال متابعتي للأبواق الخارجية التي تُطالب بتدخل إسلامي لأعمال الحج مثل (حسن نصر الله.. أبو قمامة) وغيره شعرت بأهمية ذلك المشروع الذي بدأناه مع الدكتور (محمد بنتن) في عهد معالي وزير الحج الأستاذ/ إياد مدني الذي تمكن من ترك بصمة إيجابية في الوزارة تمثلت في إطلاق الأعمال والمسار الإلكتروني لأعمال الحج والعمرة ومشروعات الخصخصة لبعض الهيئات والمؤسسات ذات العلاقة بالحج والعمرة، وهذه دعوة لمعالي وزير الحج الدكتور/ بندر الحجار ووكيل الوزارة لشؤون العمرة الدكتور/ عيسى رواس لإحياء ذلك المشروع وتوثيق كل الإنجازات والأعمال ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بالحج والعمرة؛ ليتعرف العالم على تلك الجهود الجبارة التي يبذلها أبناء هذا الوطن المعطاء الذي اختصه المولى عز وجل بخدمة الحرمين الشريفين وزوارهما والتي تبدأ منذ مغادرة الحجاج وتستمر حتى قدوم الأفواج الجديدة من الحجاج والمعتمرين، ويقدمها السعوديون وهم مستشعرون عِظم المسؤولية وشرف المهنة التي حققوا فيها إنجازات عالمية شهد لها العالم، كتب أول سطورها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -رحمه الله- الذي بسط الأمن في جميع طرق الحجاج وألغى المكوس (مبالغ مالية) التي كانت تؤخذ من الحجاج ووضع أول لبنة لتوسعة الحرمين الشريفين ليكمل ملوك هذه البلاد (سعود، فيصل، خالد، فهد، عبدالله) رحمهم الله جميعًا هذه المشروعات التي تم إنفاق مئات المليارات من الريالات فيها؛ ليأتي ملك الحزم خادم الحرمين الشريفين الملك : سلمان بن عبد العزيز -أيده الله- ليكمل هذه المنظومة العملاقة من المشروعات والخدمات المشاهدة وغير المشاهدة لتكتمل منظومة خدمات الحج والعمرة للحجاج والمعتمرين ويكتمل عقد اللؤلؤ لهذه الخدمات. وليسجل التاريخ وكل منصف للمملكة العربية السعودية وقادتها ومواطنيها هذه الإنجازات بمدادٍ من ذهب، والتي نرجو أن تكون خالصة لله تعالى، وبحكم كوني باحث في تاريخ وآداب الحرم واحتكاكي شبه اليومي بضيوف الرحمن من نحو ١٦٠ دولة إسلامية وأقليات لمست ذلك الحب وذلك التقدير الكبير من الجميع لهذه البلاد وقادتها ومواطنيها؛ حتى إن أحدهم قال لي: “لقد أوصيت من معي من الحجاج ألايسبوا السعوديين وآبائهم خلال رحلة الحج حتى لو أغضبوهم؛ لأن كثير منهم هم أحفاد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم”. وسمعت آخر يدعو للمملكة وقادتها وعلمائها ومواطنيها في الحرم، وعندما سألته عن السبب قال:” إن أجمل أيامي أقضيها وأسرتي هنا”، وقال إنني أعلم أبنائي وأزرع فيهم حب هذه البلاد التي نذرت نفسها لخدمة ضيوف الله.
0