عبدالرحمن حسن القراش
هم شباب أشبه بالصلصال
كلما حاولت الضغط عليه من جانب يظهر من جانب آخر بطريقة مختلفة ولكن الهدف واحد وهو نشر الفوضى الخلّاقة يشبهون في تحركاتهم الزئبق ولكن الدولة لهم بالمرصاد مهما كان دهائهم وخبثهم.
من هم يا ترى؟
لنبدأ الحكاية
هم تنظيم سري يتبع سياسة قديمة في زعزعة الاستقرار بأي مكان يتواجدون فيه فيقوموا بأعمال عنف بشكل منفرد دون أن تربطهم علاقة واضحة بالتنظيم الذي يؤمنوا بأجندته ولكن يظهر في أدبياتهم أن ما يقوموا به هو خدمة جليلة لإنقاذ البشرية تحت مسمى التدين.
لو لاحظنا خلال السنوات السابقة منذ بدأ الربيع العربي أن هناك بذرة خبيثة ، زُرِعت في أحشاء العالم العربي باسم (داعش) امتداداَ لتنظيم القاعدة الذي ملئ الدنيا خراباً وارهاباً حيث وجّهت أسهم هذا التنظيم تجاه أرض الحرمين الشريفين تحت ذريعة تحريرهما من الحكم السعودي الذي يوالي اليهود والنصارى وعد نصرة المستضعفين.
فقام أعضاء هذا التنظيم الخبيث بقيادة خليفته المزعوم باصطياد ابناءنا من خلال تجنيدهم لا اهدافهم السيئة حيث لعبت وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت دورا كبيرا في تزيين حياة الجهاد الذي هم منه برأ
وكان ذلك على مرحلتين:
المرحلة الاولى:
الدعوة العامة للنفير خفافاً وثقالاً إلى ارض الصراع مع محاولة اقناع الاقارب والاصدقاء بأفكارهم دون العودة للجهات الشرعية في بلدان المجندين باعتبارها في نظرهم مواليه لطواغيت الحكّام.
المرحلة الثانية:
تكوين خلايا النائمة داخل البلد مهمتها تقدم الدعم اللوجستية للموالين فكرياً واستقطاب مجندين جدد للتنظيم والتأكد من ولاءاتهم من خلال القيام بأعمال تخريبية في نظرهم جهادية.
فيطلب منهم في بداية الانضمام ما يلي:
– البيعة السرية
– التمويل الذاتي
– التخطيط لعمل يثبت عقيدة البيعة
– تنفيذ العمل الارهابي
– المبايعة بشكل علني
– النفير لأرض الجهاد إن استطاع أو الشهادة على حد زعمهم.
أحبتي:
ترى ما الداعي الذي غرر بأبنائنا للوقوع في براثن هذا التنظيم؟
يفترض كثير من عموم الناس أن انجذاب الشباب لهذا المستنقع العفن هو التعلق الديني والبحث عن المدينة الفاضلة التي صنعها لهم خيال الاعلام الداعشي من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي والمواقع الموالية لهم.
بينما الحقيقة فيتعلّق الشباب بهذا الفكر يعود إلى ما يلي:
– وجود فجوة كبير بين الخطاب الديني والمتلقي حيث الاكتفاء بكلمة (لا يجوز –حرام – لا ينبغي) خلق لدى البعض الفضول للبحث عن مصدر آخر للاستفتاء وربما يكون طريق توصيل الفتوى فيه جفاء وحدة مما جعل كثير من الشباب ينفر من الاسلوب المتبع وربما يكون التضارب بين الفتاوي الدعوية يحتاج إلى توحيد وتطوير في منهج الطرح بما يتوافق مع الزمان والمكان.
– وجود خلل في البيئة الاعلامية جعل الشباب عرضة للتغذية الفكرية الضالة دون توجيه ومتابعة حيث أسهم الاعلام الجديد في تسهيل وصول المعلومة وتجنيد الشباب وتبني الافكار.
– العنصرية الاجتماعية من خلال اثارة النعرات القبلية والتحزبات المناطقية في العمل والمدرسة والجيرة
مما خلق في نفوس بعض الشباب نزعة الحقد وحب الانتقام من المجتمع ككل.
– الخطأ في التربية الاسرية
حيث يقوم بعض الوالدين باستخدام اسلوب التفضيل أو المعايرة أو الحرمان دون مبرر مما يجعل الشاب يرتم في أحضان تلك التنظيمات
وربما يكون للمشاكل الاسرية العامة من طلاق ونحوه دور في انحراف الشباب وهروبهم من واقعهم لجحيم التكفير وحب الانتقام
– يعتبر التعليم ميدان خصب لتفريخ مثلك أولئك المنتمين حيث قلة المتابعة لفكر بعض المعلمين وتوجهاتهم سهّلت عليهم تجنيد الشباب دون ملاحظة كبيرة من أحد وربما يكون لمخرجات التعليم دور كبير في انحراف الشباب حيث ينصدم الطالب بعد تخرجه أنه لا مكان له في الجامعة أو ميدان العمل بسبب التعقيدات التي تفرض كل سنة.
– البطالة تجعل من الشباب عرضة للتغرير ممن ليس لديهم حصانه فكرية واجتماعية واسرية حتى وإن آمنا بأن للبطالة حض وافر من انحراف بعض الشباب فكريا فهناك من أبناء اصحاب الاسر الميسورة قد وقع في وحل التكفير بسبب عدم ثقة الأسرة فيما يقوم به من أعمال أو احتقار رأيه فلجأ للانحراف .
– الفراغ مع وجود المادة ، خلق من بعض الشباب عرضة للبحث عما يثير حياته بأمر جديد ليخلق منه بطلا بسبب قلة المتابعة والوعي سواء من الاسرة أو الجهة التعليمية.
– التهاون الاجتماعي إما خوفا من العيب أن يفتضح أمر الاسرة التي ابنها غائب أو يحمل فكرا ضالا أو قناعة الاسرة بأن ما يقوم به الابن طيش ويزول
ناهيك عن الاتكال الكلي على الجهات الامنية في حفظ الامن دون التبليغ عند الشعور بخطر خصوصا من بعض البيوت التي هي شبه خاوية في الحي وهي في الحقيقة ربما تكون مأوى للمخربين.
النتيجة:
نتج عن انضمام أبناءنا لتلك التنظيمات الارهابية وعلى راسها داعش ما يلي:
حرب ضروس يقوم بها أسود الداخلية ضد تلك التنظيمات الارهابية التي تستهدف أمن البلد فمنذ عام 1979م والحرب مع اصحاب الافكار المنحرفة مستمرة حيث بلغت في إحدى الاحصائيات أن عدد العمليات 222 عملية ارهابية تم بفضل الله التصدي لـ 194 عملية فيما نفذت 28 عملية ذهب ضحيتها مواطنون ومقيمون ورجال أمن ولم يسلم منها حتى أسد الداخلية الامير محمد بن نايف بن عبد العزيز الذي تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة كادت أن تقضي على حياته.
إن كل تلك العمليات لم يكن هدفها دينيا ولا وطنيا ولا حتى شخصيا وإنما كانت لتنفيذ اجندة تخريبية خارجية فاسدة تريد أن تسبب في هذا البلد الآمن المطمئن البلبلة وسلب مقدراته وتغيير ثقافته وقناعاته.
الخلاصة:
الحرب على الإرهاب مسؤولية جماعية اجتماعية يتحملها البيت والمسجد والمدرسة والمعهد والكلية والنادي ويأتي في مقدمة كل تلك الأطراف
الخطاب الديني والإعلامي حيث يجب توظيفه بشكل يتلأم مع فكر الشباب بأسلوب يحتوي ميولهم وافكارهم وطاقاتهم وابداعهم مع إشراك كافة مؤسسات الدولة في هذا الجهد ومحاسبة المقصر ومكافأة المحسن.
ولنكن منصفين إن الجهات الامنية بكافة اقسامها قامت ولا تزال بالدور المنوط بها بكل جدارة واستحقاق بدليل الضربات الاستباقية للتنظيم والشهداء والمصابين.
لذا يجب أن يعي المجتمع أن المواطن هو الجندي الأول وسكوته عن مواجهة الخطأ ومحاربته خطأ أكبر فليس من المنطق أن تقوم الدولة بكل الأمور والمواطن عالة لا يشارك برأي ولا بجهد لخدمة الدين والوطن ، ومن أكبر الخدمات التي يقدمها المواطن لوطنه هي:
إحسان تربية ابناءه ورعايتهم فكريا وعاطفيا وعدم تركهم للشارع ليربيهم أو لوسائل التقنية التي اصبحت تقوم بعمليات اختطاف منظمة كان نتيجتها.
– قتل ابن والده
– قتل ابن خاله
– قتل زوجة لزوجها
– قتل ابن عم لأخيه
ولازالت السلسلة دواليك كل يوم والسعودية تفجع بمصيبة كان ضحيتها مواطن وابطالها ممن يسمون أنفسهم بالذئاب المنفردة تخلوا عن إنسانيتهم
قبل دينهم ووطنيتهم والسبب كما قلت سابقا اهمال الاسرة لأبنائها.
همسة:
فوق أديم هذا الوطن تلتقي الرحمة والنبل والقيم فلا يكون أحد ابناءنا هادم للذات ومفرق للجماعات
[/JUSTIFY]