المقالات

ثقافة الحجيج في التفويج

لم يعد لبعثات الحج أي عذر في تثقيف وتبليغ الحجاج بالتعليمات والأنظمة المستجدة الخاصة بعملية تنظيم الحج، فهناك حوادث فردية تحصل من بعض الحجاج ، نتيجة عدم فهم أو قلة وعي وعدم التزامهم بتعليمات وأنظمة الحج التي أقرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين بتوصية من لجنة الحج العليا، فقد وفرت الدولة كل سُبل الراحة للحجيج سواء على مستوى المشاريع الضخمة مثل مشروع توسعة الجمرات وقطار المشاعر أو على مستوى قرارات تنظيم الحج . ومع هذا هناك تقاعس كبير من قبل بعثات الحج إذا ما استثنينا دولتين أو ثلاثة تحرص على اقامة دورات للحجاج قبل وصولهم إلى المملكة.
الواقع يقول بأن مشكلة الإفتراش المتكررة في كل عام يقف خلفها الحجاج الذين لا يتقيدون بالتعليمات سواءً كانوا الحجاج النظاميين أو المخالفين بدون تصريح، فرغم توجيه رجال الأمن لهم في منطقة الجمرات إلا أننا نجدهم غير مبالين بخطورة الأمر وغير مبالين بأرواحهم وصحتهم العامة، وللأسف ظل المشهد يتكرر في كل عام ولم نرى لبعثات الحج أي دور تثقيفي في هذا الجانب.

فمشكلة الإفتراش يقابلها مشكلة التفويج، فالعديد من الحجاج هداهم الله لا يلتزمون بخطط التفويج ولا يتقيدون بالتعليمات المبلغة لهم بأهمية التوجه لمقر سكنهم في منى بعد نفرتهم من مزدلفة، وعدم الذهاب إلى جمرة العقبة الكبرى مباشرة، ومع هذا نجد الحاج يأتي من مزدلفة إلى منى وسط تعب وإعياء شديد وهو يحمل حقائبه دون الذهاب للمخيم الخاص فيه ومن ثم يصاب بالإعياء والإرهاق الشديد في ظل درجة الحرارة المرتفعة، فالتوجه للمخيم بعد نفرة مزدلفة أمر ضروري في عملية تنظيم التفويج، ولا يخرج الحاج من مخيمه لرمي جرمة العقبة الكبرى إلا وفق جدول التفويج ومع هذا نرى العملية تتكرر على مرأى من بعثات الحج!.

مشكلة تقاعس بعض بعثات الحج وعدم التزام بعض الحجاج بتعليمات التفويج ليست بجديدة على المطوفين ، فهي متكررة في كل عام، وأعتقد بأنها سوف تستمر في الأعوام القادمة مالم يكن هناك تعليمات صارمة من دولهم في المقام الأول ثم من الجهات المسؤلة عنهم في المملكة ومن ضمنهم البعثات الخاصة بهم.

أرى بأن مشكلة التفويج للجمرات تبدأ من مزدلفة، ولهذا أتمنى إعادة النظر في مسألة نفرت الحجاج من مزدلفة إلى منى، خاصة في صباح يوم العيد الذي يكثر فيه الزحام ويحرص الحجيج إلى الذهاب إلى رمي جمرة العقبة الكبرى مباشرةً، واتمنى الحد من ذلك ومنع الكتل البشرية من الذهاب إلى الجمرة، وذلك وفق آلية معينة تحد من تدافع الحجاج المخالفين للتعليمات، فثقافات الحجاج تختلف من شخص لآخر ومن بلد لثاني.

في الوقت نفسه أتمنى من المسؤولين عن منظومة الحج الأخذ في الإعتبار حالة الطقس في الأعوام القادمة حيث سوف تكون درجات الحرارة شديدة ولايستطيع الحاج مقاومتها، وأتمنى أن لا يكتفوا بتجهيز مراكز ضربات الشمس فقط، بل التفكير من الآن في تلطيف وتهيئة الجوء والإستعانة بالمضلات المتحركة كما هو حاصل في ساحات المسجد النبوي.

وأخيرا .. اتمنى من بعثات الحج استشعار أهمية هذه الشعيرة وانعكاسها على سلوك الحجاج فهناك اخطاء فردية تكلف الكثير فكم من حريق وقع بسبب الإهمال أو عدم الإلتزام بتعليمات السلامة، وكم من تدافع أدى بأرواح الآخرين! فمثل ما للحاج من حقوق آيضا عليه واجبات يجب أن يؤديها وأقلها التقيد بالأنظمة والتعليمات، فوزارة الحج تبذل قصارى جهدها لراحة الحاج والدولة تستنفر كافة طاقاتها لخدمته.

خاتمة
مَتى يَبلُغ البُنيانُ يَوماً تَمامَه
اِذا كُنت تَبنيهِ وَغَيرك يَهدِم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى