المقالات

أسهل طريقة لصنع قنبلة يدويّة !

وأنا أتصفح أحد المواقع الألكترونية في قسم الدين لفت نظري هذا العنوان”أسهل طريقة لصنع قنبلة يدوية” فاستعذت بالله !

قلت لابد أن أقرأ الموضوع للآخر لكي أنبه إدارة الموقع الى خطورة هذه المواضيع الهدامة  لحذفها ، إذ تكفينا قنابل الكلام الجارحة والمصائب التي تحيط بنا من كل جانب

ولسان حالنا يقول:

تكالبت الظباء على خراش
فمايدري خراش مايصيد

وتذكرت أن قناة فضائية عراقية أغلقت ضمن قانون مكافحة الإرهاب  لأنها بثت برنامجا يعلم المشاهدين كيفية صنع قنبلة يدوية تفي بالغرض !!

وإذا كانت تلك القناة لاتحمل صبغة دينية، وإنما كان هدفها مقاومة الأمريكان، فإن الموضوع المنشور في ذلك الموقع كان قد أدرج ضمن مساحة تهتم بشؤون الدين

تذكرت أيضا ضابط الصف في معسكر تدريب الكوت عندما جرى سوقنا ونحن طلبة في السنة الثالثة بكلية الآداب  بجامعة بغداد في عطلة صيف 1985الى معسكرات التدريب خلال الحرب العراقية الايرانية بما سمي حينها بعام الحسم وكان ذلك الضابط الصغير يحمل بيده قنبلة يدوية ويشرح طريقة عملها وسحب مسمار الأمان وكيفية القائها وسط تقززنا ! 

وظل الشعور بالتقزز يغمرني وأنا أقرأ الموضوع الذي تقول مقدمته “تعالوا هنا لنتعلم اسهل طريقة لصنع قنبلة يدوية ,نعم قنبلة  من أهم مميزاتها!! بسيطة جداً ولا تحتاج لمساعدة اي بشر! امكانية ايصالها الى اي مكان في العالم بسهولة!لاتكتشفها الرادارات في أي دولة من دول العالم! إنه في حالة قيامك بتكوينها التكوين الصحيح …تدمر بأمر الله! تنبيه وتحذير:الرجاء عدم استعمالها الا لمستحقها من اعداء الله”

وأنا أتابع  هذه السطور كنت  أحبس أنفاسي، وأتفجّر غيظا وأكرر:لاحول ولا قوة الا بالله وووو

وحين واصلت قرأت “الآن اليكم طريقة الصنع ، قم في آخر الليل لوحدك ، ثم احضر ماء ، ومن بعد ذلك أحضر قماش طاهر، ثم توضأ بالماء ، ثم توجّه الى القبلة ، صل ركعتين ، ” ثم يختم كاتب الموضوع مقاله بالدعاء

لو قمنا بتفكيك هذا الخطاب ، جريا على عادة التفكيكيين ، لوجدنا أن النص الذي حاول من خلاله المنشيء أن يصنع عنصرا تشويقيا للفت نظره كما حصل معي،  وقع في خطأ فادح، وهو تكريس صورة مشوهة للتعاطي مع الدين ، هذه الصورة روجت لها وسائل الإعلام الغربية فالدين الذي هو محبة، وجمال، وعلاقة روحية خالصة بين العبد وربه ، صار مقترنا وفق تلك الوسائل ب”الإرهاب” والتفجيرات ، أحد الصينيين علق حين سمع “الله أكبر” قال: هذه نسمعها في مشاهد القتل والذبح التي نشاهدها على الأنترنيت وفي الفضائيات !!

وهي مشاهد أساءت لديننا ولنا ، ووجهت طعنات لتاريخ كامل من العطاء، والإنجازات الحضارية .

ولكم أن تتخيلوا أن تقترن هذ الجملة التي تتكرر في أذاننا وصلاتنا وقيامنا وقعودنا بالدم والموت !

  لذا فطريقة طرح الموضوع جاء مندرجا ضمن هذا السياق الذي يجعل من الدين حالة من محو الآخر، واستهداف وجوده، وكيانه وفاعليته

وتسلّل هذا الى اللاشعور الجمعي عندنا، فصار تفكيرنا يتّجه ضمن هذه الصورة المرسومة سلفا، وهي صورة مشوهة رسمها هذا الإعلام ، فنقوم بالمساهمة بتعزيز هذه الصورة  من خلال إختيار أساليب لشد انتباه القرّاء، لكننا لاندرك فداحة ذلك، وخطورته ،خطورة أن ندعو للصلاة من خلال موضوع مغلف بآلة تفجير قاتلة  !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى