إن الثورة المعلوماتية التي يشهدها العالم في هذا العصر خلقت لنا داخل البيوت الصغيرة عوالم وآفاق كبيرة كوّن كل فرد من خلالها عالمه الخاص واكتفى بالتواصل مع اشخاص عرفهم فأصبحوا هم عائلته وأصدقائه الذين يؤثرون فيه ويمكننا تقسيم حال الأسرة لثلاثة أقسام:
1. الرجال:
بعض البيوت لم تعد تشهد تواجد الرجل مع زوجته وأبناءه على ما كان عليه الآباء والأجداد من اهتمام ورعاية ومشاركة وإن وجد فإنه خلف شاشة جواله
يجادل ويحاور منذ دخوله للبيت وحتى يهجع في غرفة نومه فيوثّق الاحداث والمشاهد اليومية بشكل مستمر، فمرّة يصعد الدرج ومرة يقفز من فوق السور وأخرى يأكل في المطبخ أو يصور طفله الذي يحبو أو يترزز أمام المرآة،
ولا استبعد ان يكون لحمامه -أجلكم الله – نصيب من تلك النقاشات والتوثيقات وكأنه سوف يحل مشكلة ثقب الأوزون أو يوقف الحروب العالمية، ناهيك إن كان هناك دخول للحسابات التي بها +18 طوال ليله وتحميل مقاطعها فتلك قصة اخرى.
2. النساء:
أصبحن النساء بعد ثورة التقنية أكثر حرية فاتسعت افاقهن ومداركهن ومعرفتهن ولكن البعض من هن لا تألو جهدا في توثيق الاحداث بكلمات
أقل ما نقول فيها …. (فضااااااوة).
فتصور نفسها:
بشعر منكوش أو تشتم أبو سروال وفنيلة بكلمات وقحه أو تبارك الملكة لإحدى الصديقات ، ناهيك عن تصوير خواتمها وفساتينها واكلاتها والشوارع واللبن في الثلاجة.
فتبقى قابعة في زاوية البيت لا ترفع رأسها من جهازها تسب وتشتم أو تغتاب وتنافق ولا تشعر بنفسها إلا بعودة الأبناء وقد نسيت أن تطبخ الغداء لهم وإن تكرمت وطبخت فالله أعلم كيف يكون طعمه؟
3. الأبناء:
أغلبهم منذ أن يعود وحتى ينام وهو على جهازه، فلا تشعر بوجوده حتى تسمع ضحكه وصراخه وسبه لشخص في عالمه الافتراضي ناهيك عن واقع البنات في غرفهن ونسيان واجباتهن مع امهاتهن أو جهلهن بالتدبير المنزلي الذي هو من مقومات الزواج مستقبلاً.
أحبتي:
إن عيب التقنية الحديثة التي بين أيدينا أنها صنعت لنا جيلا يمجّد نجوماً تافهين يصورون تفاهاتهم اليومية للمجتمع على أنها انجازات وبطولات بل وتعدى ذلك للتدخل في حريات الاخرين وتوثيقها ونشرها دون مراعاة لحقوقهم الشخصية.
من هنا يجب أن نعترف بكل شجاعة، أن تلك التطبيقات سحبت البساط من تحت المكتبات والعلماء والمفكرين وخلقت لنا نجوما جدد يفرضون اجندتهم الفكرية على المجتمع ويؤثرون في توجهاتهم فنحدر الذوق العالم وسقطت القيم باسم الشهرة المزيفة.
ومن جانب اخر لا ننكر أن تلك التقنية سهّلت على الناس التواصل فيما بينهم والتواصل مع بعض المعتدلين والعقلاء الذين أوقفوا أنفسهم لخدمة الناس والمجتمع ولكن لا تقاس نسبتهم بمن يسيئون استخدامها سواء من الرجال أو النساء.
نحن لا نقول ابتعدوا بالكلية عن هذه التقنية ولكن نقول نحن نحتاج إلى تقنين ووعي لخطورة هذا التمزق الأسري الذي بدورة أوجد خلال اجتماعيا في الفهم والاستيعاب حيث اكتفى كل شخص بما لديه من عالم افتراضي فتقاطع الإخوان والازواج والجيران وكثرت قضايا الطلاق والابتزاز والعقوق والجرائم الإلكترونية وبرزت أخلاقيات ومعتقدات تافهة وزاد معدل الغيبة والإشاعة وكل ذلك بسبب الانفتاح الزائد وعدم الوعي بأن هذا ليس إلا تدميرا للمبادئ والقيم السامية.
العلاج:
– يجب أن تكون لدينا رسالة واضحة وقيم سليمة عندما نستخدم تلك البرامج والتطبيقات لكيلا نقع فريسة لتمجيد العقول الخاوية أو صيدا سهلا للتافهين
– يجب أن تكون أجهزتنا مقابر جماعية لكل ما يمس سمعة وعرض الآخرين فلا تكون نقطة توصيل أو نقل مهما كانت الأسباب فلا ننشر إلا الخير والأمر الذي يحفظ لنا في الآخرة من أعمال صالحة.
– يجب أن يؤخذ على يد من يساهم في التشهير ونشر المقاطع والصور التي تمس كرامة الآخرين مهما كانت لكيلا نترك للشيطان بابا للدخول إلى ديننا وقيمنا فالشماتة والتندر بمصائب الناس ربما يعافيهم الله ويبتلينا كما أمرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام في الأحاديث الشريفة
همسة:
أصبح من اهم واجبات إكرام الضيف الآن فتح شبكة الوأي فاي له منذ دخوله البيت وحتى خروجه.