المقالات

طريق سيد الشهداء

درب السنة الحقيقى الذى لم تطمس معالمه بالمدينة المنورة

وهو طريق سيد الشهداء اليوم أو سيدنا حمزة . وهو درب السنة الحقيقى أن صحت التسمية . فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلك هذا الطريق ومشى عليه في مسيره لغزوة أحد ، فابتدأ بثنية الوداع ،  لما رواه الامام الطبراني في الأوسط عن أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع ( وهو أول طريق سيدنا حمزة ) فإذا هو بكتيبة جيشين فقال : من هؤلاء ؟ قالوا : عبد الله بن أبي في ستمائة من مواليه من اليهود من بني قنيقاع ، فقال : وقد أسلموا ؟ قالوا : لا ، يا رسول الله ، قال : مروهم فليرجعوا ، فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين .

ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم متوجها الى أحد سالكا منازل بنى حارثة التى بها مسجدهم ، وهو المعروف اليوم ( بمسجد المستراح ) . فوصل الى المكان المسمى بالشيخين ، او الشوط ، أو العدوة ، وهو على منتصف هذا الطريق بين المدينة وجبل احد ، وفيه اليوم مسجده صلى الله عليه وسلم المعروف بمسجد الدرع ، فبات فيه ليلته ، وصلى فيه العصر والمغرب والعشاء والفجر .. وأكل فيه شواء قدمته له أم المؤمنين سيدتنا أم سلمة رضى الله عنها وأرضاها .. وفيه انخزل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس المنافقين عبد الله ابن ابى بن سلول ومن معه من المنافقين وفيه قال الامام ابن إسحاق في سيرته : حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد ، انخزل عنه عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الناس ، وقال أطاعهم وعصاني ( يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس ؟ فرج بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب ، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام ، أخو بني سلمة ، يقول : يا قوم أذكركم الله ، ألا تخذلوا قومكم ونبيكم حضر من عدوهم ، فقالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم ، ولكنا لا نرى أنه يكون قتال . قال : فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم ، قال : أبعدكم الله أعداء الله ، فسيغني الله عنكم نبيه . فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر في مسجد الدرع بالشوط أو الشيخين . ولبس فيه درعه ثم اتجه ضحى الى ساحة أحد وصلى بها الظهر ..

وهذا الطريق من الأهمية بمكان لو سمى درب السنة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يزور عمه سيد الشهداء والشهداء الذين معه  رضى الله عنهم بين حين وآخر ، ويسلم عليهم ، وربما صعد الى جبل أحد . وكانت سيدتنا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزورعمها سيدنا حمزة بمشهده بأحد في كل أربعاء من كل أسبوع . ولعل هذا الطريق الذى كانوا يسلكونه فأصبح هو الطريق السالك الى أحد ، ويدل على ذلك بقاؤه سالكا معمورا حتى يومنا هذا ، وكان أهل المدينة يخرجون منه الى أحد في كل أربعاء  يزورون عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهداء أحد رضى الله عنهم تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يؤثر هناك أي طريق آخر غيره حتى اليوم وهذا الطريق قد تم بتر جزئه الأعلى اليوم مما يلى مشهد الشهداء ، فلم يعد موصولا بجبل الرماة الذى نزل عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد . ولم يحظ بأي اهتمام يذكر ولا عناية تحسب . ودعوتى اليوم الى امانة المدينة المنورة وهيئة السياحة والآثار واللجنة التطويرية ، لتنبى فكرتى هذه التى أطرحها ، وهى : أنه فى كل بلد محورها القديم التاريخى الذى نشأ منه ذلك البلد ، وفى نظرى ان المدينة التاريخية القديمة قد زالت معالمها ومآثرها ، ولكن بقى طريق سيدنا حمزة سيد الشهداء ، وهو طريق أثرى نبوى شريف كما بينت ذلك . وأدعو الى الاهتمام به ، وتأهيله تأهيلا يليق به ، تطويريا وتجميليا كمعلم من معالم طيبة الطيبة التى مشى على ثراها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذلك بازالة الرصيف الأوسط منه ، وترصيفه ترصيفا كاملا من أوله إلى أخره بالبلاط الحجرى الأسود ، وذلك من ثنية الوداع وحتى جبل الرماة ، وأن يتم ازالة اسباب البتر وإعادة توصيله توصيلا كاملا ليتصل بساحة الغزوة مباشرة  كما كان . وأن تمنع دخول السيارات اليه نهائيا إلا لظروف محددة . وأن يخصص للمشاة فقط ، ولزوارشهداء أحد ، وأن يتم الاعتناء بجانبيه بجعل طرفيه كورنيشا من الأشجار والأزهار الخلابة ، وأن يتم انارتها بمصابيح من المصابيح التراثية ، وأن تثبت حواشيها بمقاعد مريحة لكل سالك ، بحيث يبدو الطريق طريقا نموذجيا يحيى في نفس الزائر والسالك روح التاريخ والتراث المدنى ، وأن يتم ايجاد مقاهى أو متنزهات على طرفى الطريق على الهواء الطلق ، وأن تثبت به مرواح  رذاذات للمياه . ويمكن أن يكون مجتمعا لرواد الأدب ، والتاريخ ، والشعراء في كل مقهى أو منتزه فيه ، شريطة أن تمنع الشيش والنارجيلات والدخان فيه منعا باتا . ومع هذا فاننى لا أدعو الى هدم الدور والعقارات التى حولها ، وإنما أدعو الى تطويره تطويرا لا يضر أحدا من القاطنين هناك . وبهذا أرجو أن يكون هذا الطريق شاهدا على سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المادية بالمدينة ومسيره وطريقه الحقيقى ، ولا سيما في يوم أحد . وأن يعاد بناء مسجد الدرع ومسجد بنى حارثة ( القبلتين الثانى )المعروف اليوم بمسجد المستراح بالحجارة المطابقة ، دون الاسراف في توسعتهما . وأن يتم تكليف أصحاب المبانى القائمة فيه بتعديل واجهاتها بيوتهم وعمائرهم بنمط يتلاءم مع تاريخ هذا الطريق المبارك ، حتى يشعرأهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوارها وروادها باحساس روحى وارتياح جميل . يشعرهم بان بعضا من تاريخ هذه المدينة المطهرة ما زال قائما ، وأن بعضا من آثارها لم يزل شاخصا ، وأن شيئا من تراثها القديم مازال موجودا ، وأن بعضا من الطرق التى سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشى عليها ، مازالت باقية الى يومنا هذا . وأن تحل مشكلة أهل الاحياء من حولها فيما يتعلق بوصول سياراتهم الى بيوتهم بطرق ترضيهم  وهكذا نريد لطيبة الطيبة أن تكون .. وعسى أن تحظى دعوتى هذه بالدراسة والاهتمام ، وبالقبول لتطبيقها على هذا الطريق الاثرى المبارك . وقد أوعزت لإبنى المهندس جعفر عطار وهو متخصص مهندس معماري : أن يقوم بعمل تصميم لهذا الطريق ، وسيكون جاهزا ان شاء الله قريبا . وسوف اقوم بتقديمه لمن يهمه الأمر، او الى صاحب السمو الملكى الأمير الدكتور فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة حفظه الله .. هذا وبالله التوفيق ، وهو الهادى الى سبيل الرشاد .

————————————————-

كاتب وباحث في تاريخ الحرمين الشريفين

   عضو رابطة الأدب الإسلامى العالمية

 المدينة المنورة

ضياء محمد عطار

عضو رابطة الأدب الاسلامى العالمية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى