المقالات

الإفلاس الفكري لوزارة الإسكان

أبرزت الكلمات المنطوقة على لسان وزير الإسكان -أصلحه الله – إفلاسه الفكري وتباين الوزارة في عدم تعاملها الجدي مع المشكلة . فحتى رسوم الأراضي البيضاء التي تحارب الوزارة ليلًا ونهارًا؛ لفرضها لن تكون ذات فاعلية بالعكس ستكون وجبة دسمة لن تتقبلها معدة السوق العقاري. ولنعتبر من قصة أحد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. فقد أعطى له النبي -صلى الله عليه وسلم- وادي العقيق كاملًا بالمدينة وهو منطقة كبيرة جدا نستطيع مقارنتها بالأراضي الشاسعة أو الشبوكة حاليًا، ولم يستخدمها الصحابي ولم يزرعها إلى أن جاء عهد سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الوالي الذي جاء “بفكرٍ راقٍ” وعالج الموضوع وسحب الأرض منه، ووزعها على الصحابة -رضوان الله عليهم- مما أثار غضب الصحابي صاحب الأرض، وقال له: تأخذ مني أرضًا أعطاها لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فقال له سيدنا عمر: لقد أعطاها لك لتستخدمها وليس لتحجزها عن الناس. ومن هنا عند المقارنة الحقيقية للقصة نجد أن الحل الأمثل هو في سحب الأراضي غير المستخدمة، وتعويض أصحابها عنها مثلها مثل أي مشروع حكومي، وهذا هو التصرف الشرعي. وأما بالنسبة للبناء؛ فنحن كمقاولين نقول سهلًا وليس صعبًا، ولكن لأن المشروع حكومي عادة يسند بمبالغ خرافية للمقاولين، ويكلف الدولة مبالغ كبيرة. وبالنسبة للأراضي فليس الموقع بمشكلة؛ فالناس تريد المسكن حتى لو في مدن أخرى، وبالنسبة لمكة فهناك قرى قابلة للتطوير والتكبير قريبة منها مثل بحرة وحدة والجموم وغيرها، وبدأت الناس تهرب إليها فعلًا، وبالنسبة لجدة فهناك قرى أكثر قابلة للتطوير.

ولنا في مصر قدوة كبيرة في ذلك بالإمكانيات الضعيفة التي لديهم، وبقلة في السيولة والمادة وفي وقت وجيز استطاعوا تنفيذ عدة مدن لم تكن موجودة أصلًا حول القاهرة، والتي كانت مكتظة بالسكان بشكل لايمكن التعايش معه. وأصبح حول القاهرة عدة مدن منها مدينة 6 أكتوبر، والعاشر من رمضان، والشيخ زايد وغيرها، وهذا بفضل “الفكر الحقيقي”. إذن الحلول موجودة وكثيرة، وسهلة، وواقعية، أما أن أتبع نصيحة الوزير، وأقلل في احتياجاتي المنزلية من عدد أو حجم الغرف أو مجالس للرجال أو بعض مايعتبره هو كماليات، ويعتبر هذا فكرًا؛ فهذا خطأ كبير؛ لأنه لو استطاع البعض تغيير احتياجاتهم واتجهوا للتزهد والتقشف؛ فلن يرضى بقية المجتمع بذلك ولن ترضى العوائل بهذه البيوت المتقشفة و”الصالحة فكريًا” لبناتهم. للأسف نستطيع تسميته بكل وضوح بأنه “إفلاس فكري ومنهجي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى