توجد حالة غريبة قد تتلبس البعض ثم تتسبب في انهياره أو في تراجعه أو في انطفاء جذوة الإنجاز وشعلة الحماس لديه، وفي الحقيقة ما يسبب مثل هذه الحالة عدة عوامل تحيط بنا دون أن نشعر بها، ولكن لها تأثير بالغ في رؤيتنا للأشياء وفي كيفية تعاطينا معها، الإشكالية الحقيقية عندما يمتد مثل هذا التأثير ليضرب جوانب حياتية مهمة في مسيرتنا، وأقصد أعمالنا وتطلعاتنا وطموحنا. تأتي حالة الإحباط أو الاستنكاف أو التراجع، بسبب عوامل خارجية في معظم الأحيان، منها المحيط الذي يلتف حولنا ويؤثر فينا وفي قراراتنا، هذا المحيط قد يكون سبباً للتميز أو للإخفاق؛ فأثر الصحبة والرفقة بالغ في حياة الإنسان، فإذا وجدت أناساً إيجابيين ينظرون للأمور نظرة واقعية ومنصفة ويؤمنون بقدراتك فإنه، ودون شك، ستتميز وتبدع، أما إذا كان أصحابك ممن ينظرون للأمور بسوداوية وإحباط فإنهم، ودون شك، سينقلون لك هذه السوداوية. ببساطة يقال: إن فاقد الشي لا يعطيه، بمعنى أن إنساناً فشل في مرحلة من مراحل الدراسة أو العمل أو في أيِّ من جوانب الحياة، كيف يصبح مُنظِّراً ودارساً ومعلماً ويوجه نصائح ! وهذه المعضلة التي نقع فيها يومياً، أننا نرخي السمع لمن هم أقل منا خبرة، ولمن هم محبطون، ولمن عاشوا تجارب مريرة تختلف كلياً عنا، أو عاشوا وفق تفكير وآلية محددة تختلف تماماً عنا جذرياً؛ هؤلاء كيف يمكننا أن نستلهم منهم الخبرة أو المعرفة، أو ننتظر منهم إفادتنا وهم عجزوا عن إفادة أنفسهم! هذه معضلة كبيرة نقع فيها جميعنا، ليس في منحى حياتي واحد، وإنما في عدة جوانب من حياتنا.
وهذا الخطأ الذي نرتكبه عندما نركن لمن هو أقل مسؤولية ونستمع إليه وكأنه يتحدث بكلمات من ذهب، هنا نكون فعلاً قد أصبنا أنفسنا في مقتل، كما يقال، ولوثنا حماسنا وتسببنا في تراجع حياتنا. على سبيل المثال، تقرر مواصلة تعليمك لنيل شهادة الماجستير، فتسمع أحدهم يقول: ماذا ستفيد من هذا؟ أنا أحمل شهادة الماجستير، وانظر أين أعمل! فهو يقنعك بواقع هو يعيشه، ويسبب هذا الواقع تكون مقتنعاً بكلماته، فتلغي قرارك، ولن تعرف فداحة الخطأ الذي وقعت فيه إلا بعد بضع سنوات، هو فعلاً لم يكذب، لكنه لم يستفد منها في عمله ، لأي سبب، فقد أعطاك جزءاً قليلاً من موضوع كبير.
الذي نصل له: ضع خطتك الحياتية وحثَّ الخطى نحو تحقيقها، ولا تلتفت لكلمات الآخرين، خاصة ممن تعثر في حياته .