-
وكأنِّي أتذكَّر وقوفيَ على تلك النَّافذة الصَّغيرة، واسترجع ما مضى مرَّة أخرى، فتصادف عيني وعن قرب ذلك المحبُّ المتعلِّم العتيق والذي امتلأ قلبُه غرامًا باللَّون الأحمر، ويقيِّد إحمراره البياض النَّاصع، كبياض قلبِ كلِّ وحداوي أصيل محبٍّ ﻷمِّ القرى، ويتَّجه النَّظر صوب الطيب عبيد ذلك الرَّجل المتوهِّج فؤادُهُ بحبِّ فلذات كبده شديد الاطمئنان عليهم ليل نهار، ولا يرضيه إلَّا أن يكونوا همَّه الأوَّل والأخير في حياته، والذي لا يشابهه ولا يشاركه في الحبِّ الكبير إلَّا ذلك المحمود المنصور، والذي أجهد قلبه وسخَّر رزقه لمن يهوى ويعشق.. إلى ذلك الشَّيخ الكريم المدني عوض الذي كأنَّه عقد عهدًا دائمًا مع الجود حتَّى يفارق واحدٌ منهما الآخر بالقدر المحتوم، وإلى جواره الشَّيخ الوقور زارع والذي يزرع الخير حيثما كان، وكأنَّ من اسمه نصيب عظيم من خلقه وفعله، إلى عامر.. العامر صدره طيبة ومحبة لكلِّ من يعرفه ويطلبه، إلى مؤذني المسجد الذين طالما حرصوا على اعتلاء صوت الحق بحي على الصلاة، لتطول أعناقهم في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلب سليم، ولا ينسى حينها الرباعي المرح أبطال الكوميديا الحيَّة وعلى الهواء مباشرةً أمام أنظار الجميع في وسط الطَّريق، وكأنَّهم يضيفوا للنَّاس السَّعادة والمرح والمتعة وبلا مقابل!!
وانتقِل ببصري وجسدي مباشرةً إلى الجهة الأخرى من الحيِّ العريق ممتدًا إلى أعلى المكان وأتذكَّر ذلك الشَّاكر الشَّهم النَّبيل والذي أجد فيه شهامة مسقط رأسه الأول (جرول) تظهر في محيَّاه، وجاره الحاج عبدالله الذي امتﻷ قلبه إيماناًوصدقا ونورا وفلاحا وحب الخير للغير،والجار الآخر العقاري والذي اقترن اسمه بالعلا،وترك للدُّنيا حطامها ورحل، وإلى ذلك الوجيه المكي الفيروزي ماجد من ارتبطت سيرته واقترنت مسيرته بسر الحياة..!!والمعلم عبدالرحمن المربي المبدع في روابي أجياد،ومحب هوى وادي الصفراء ولياليه الحيدري حمدان (راح ربابينك يازيد وخلوك)، وذلك الرَّافد الجميل وديوانه الرَّحيب الفسيح في الطِّيب..وفي المعروف والجود ..والتَّنفس المباح قبل حلول الصباح..ورواده الكرام من كلِّ صوب وجهة بحضور الباهر (الصلال إبراهيم).
ذكريات الوفاء والحبِّ والأصالة تمضي في هذا الحيِّ البهيج (شعبة المغاربة) وأهله الأفاضل، فلا تسمع في مفرداته الغنية وأحاديثه العذبة ماذا تكون؟ وما أساسك واتجاهك؟ فلا وقتاً لديهم لسقط الكلام..!! وما ذلك الشَّيخ الرَّزين الشَّيخ أبو عوف إلَّا صورة من الحكمة والتَّقدير والصَّمت المهيب، قد يسرد تفاصيل تلك الصُّورة ويحبك فصولها ذلك الأديب العوضي المشاكس محب الرُّموز الغامضة كغموض ليالي الشِّتاء القارس، والذي لا يعرف أسبار أعماقه إلَّا وجه السَّعد الجندي الوفي، ويشاركهما المشهد الحي الجار الباهي التَّربوي القدير(الفاضل صالح)،ولاينسى أبداً الشيخ منصور الشيخ الحبيب والذي يطبق فعلاً تبسمك في وجه أخيك صدقة،وأي محبة نقشها وغادر.
حيٌّ كلُّه أنسٌ وسرورٌ وتآلفٌ ومحبَّةٌ يتمِّمه العوني أحمد بضحكاته الفريدة ..وروحه المرحة، ويقود لياليهم السَّعيدة أبناء العمدة الحامد، فكم أدخلوا البهجةَ والفرحَ بطربِ كلماتِهم الشَّجيَّة المكِّيَّة الأصيلة (وَاسْقِيْنِي شَرْبَة مِنْ زَمْزَمْ) إلى أن تأخذك مسارات العين إلى مِرْكَاز المتأدب الصالح يوسف، والذي يجمع المحبِّين من حوله تحيطهم أمسيات بسيطة وكلمات نافعة وأخوة صادقة، ولا يُكمِل تلك الجلسة إلَّا الجرواني عمر صاحب القلب الطَّاهر .. والنَّفس النَّقية، والفاضلان الأسمران، ويقابل ذلك المركاز محسن .. المحسن خلقًا وأدبًا وتواضعًا وسعيًا في تقديم المعروف.
ذكريات تُذكَر فتُفرِحُ حِينًا .. وقد تُؤلم حِينًا آخر، ولكن كتبت على عجل؛ لندعو لمن رحل بالرَّحمة والمغفرة، ولمن بقي بطول العمر والعمل الصَّالح، ((وَتِلْكَ الأَيْامُ نُدَوِالُهَا بَيْنَ النَّاسِ))، ولولا إجهاد العين .. وضيق المساحات لسردَّتُ الكثيرَ من الحكايات عن الكثير من الوجوه والكثير من الأحداث، فما اختُزِل كبيرٌ، ولكن (يَكْفِي مِنَ القِلَادَةِ مَا أَحَاطَ بِالعُنُقِ)، وقد يكون للحديث بقيَّة، إذا كان في العمر بقيَّةٌ.
10
الله الله عليك يابو محمد فقد سخرت الكلمه لتحكي لنا قصة حي له في الذاكره الشي الكثير ويحن القلب له في كل حين الله ينور طريقك ويحفظك
الله يجزاك خير على انتقائك وطرحك الجميل
جزاك الله خيرا على هذا الكلام الجميل وهذه لفة الرائعه والوصف الرائع حفظك الله وسدد خطاك
أستاذي العزيز شكرا لإتاحة الفرصة للإبحار بخيالي من خلال مقالك. حيث تصفحت كثير من صور الماضي.
شكرا جزيلا.
أسلوب رائع ومشوق وجميل وطرح أخاذ
يأخذنا إلى زمن رائع بروعة كاتب المقال
السلام عليكم ..
تقبل الله منا ومنكم صاح الاعمال ..
بصراحة ابداع وعمل جميل رائع ليس مستغرب من شخصكم الكريم و من ابن بار ومحب لاهل حارته وجماعته ولجيرانه بارك الله فيكم ومتعكم بالصحة والعافية واعانكم ويسرلكم ووفقكم ماتأملونه وتصبون اليه
تحياتي لك ..
جزاك الله خيراً ورحم الله رجالات ذلك الحي وعلى رأسهم ابي ومعلمي رافد بن عوض الاحمدي ووصل بن عيسى المغمسي والشريف فيصل بن شاهين أولائك اللذين لن انسى افضالهم علي مربين فاضلين في غياب او حضرة والدي يرحمهم الله جميعاً.
سلمت أناملك أبا محمد
عبق من ذكريات الماضي الجميل…
يرحل الزمن
وتمضي السنين
وتبقى.. الذكريات الجميلة
معلقة على جدران القلوب ..
عبق من ذكريات الماضي الجميل…
يرحل الزمن
وتمضي السنين
وتبقى.. الذكريات الجميلة
معلقة على جدران القلوب ..