عبدالرزاق حسنين

من أرهق جدة..العروس!؟

تتوالى الأيام والسنون على جدة العروس ، وتتكرر الأحداث لتعيد لنا صفحات من التأريخ ، ذلك التأريخ الذي تكشفه لنا السيول الجارفة على الشوارع والجسور ومعظم البيوتات الجداوية وما جاورها ، ولو عاد بنا شريط الأحزان إلى عام 2009 لتواردت الخواطر للكم المهول من الأضرار التي لحقت بقطعة جميلة من الوطن ، إنها جدة العروس بعد سنوات من الأحزان التي رسمت على تقاسيم وجهها الجميل تجاعيد تعيدها إلى حواري كانت رغم جمال أهلها وعبق شوارعها الضيقة وبيوتاتها المتواضعة بتلك الرواشين والمشربيات التي كانت رمز حياء أهل جدة ، جدة التي عاصرتها تسقي أهلها بمياه تحملها عربات الكرو والبراميل التي تسير على أزقتها الضيقة المغطاة بالسبخات ، تلك كانت جدة البلد والبغدادية والجنوب ، يا ليتها عادت عروس ذلك الزمن ، وعطرها ريحة أهلها الطيبين بجلساتهم بين الحواري يسألوا عن أحوال (الرايحين والجايين) ، أهل فزعة ونشامة وطيبة وكرم يذكره التأريخ ، تلك جدة العروس فمن جنى عليها ؟ حتى بحرها الصافي مزجوه بمياه الصرف التي أزعجت سمكاته وباتت شواطئها مرتع للزواحف والروائح التي لا تجملها حتى عطور باريس ، تلك كانت جدة يوم كان الحال على قد اللحاف ، ولكن بعد الطفرة البترولية والنهضة السعودية التي قفزت بالوطن وازدهرت كل المدن ومن ضمنها جدة العروس ، ولن أخوض فيما حظيت به جدة من الميزانيات الضخمة والإنفاق السخي من القيادة السعودية حتى أصبحت وأمست مقصد سياحي تجاري عالمي يقصده الملايين ، ولو تحدثت عن الشوارع والجسور فقد حظيت جدة بالنصيب الأكبر من المشاريع التي إجتاز بعضعا المليارات على أمل تصير جدة العالمية بنكهة حجازية في وطن الخير المملكة ورمزها العطاء بسخاء ، ليهنأ المواطن والمقيم ومن سار على تراب الوطن ، هذه جدة العروس وقد أنهكت وجناتها وبتكرار دائم تغرقها السيول ، حتى المحاكم أغرقت شوارعها السيول لتذكرنا بمن قيل أنهم قصروا في خدماتها وكانوا سبب في إرهاق جدة العروس ، حتى غدت عجوز جار عليها الزمن وتراكمت تجاعيد وجهها الذي كان بالأمس الصبوح ، وللحديث عن جدة والبحر لا يكفيني أحبار وصفها الحزن سود ، لأقول معذرة فهل ستبقين جدة.. ومن جنى عليك وأرهقك أيتها العروس !؟

عبدالرزاق سعيد حسنين

تربوي - كاتب صحفي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى