عبدالرحمن الأحمدي

الهئيةُ.. والشَّيخُ حَيران!!

اختلاف الفكر والرَّأي، قديمٌ قِدَم التَّأريخ نفسِه، وما قصَّة قابيلَ وهابيلَ بغائبةٍ عن صميم الذَّاكرة، والاختلاف ـ بطبيعة الحال ـ واردٌ في شؤونِ حياتنا كلِّها، فما تُكتَبُ فكرةٌ عن موضوع، أو يُطرَحُ رأيٌ في قضيَّة، أو تُنَاقَشُ سلبيَّةٌ في ظاهرة ما، إلَّا وتجدُ ما يُناهضُها في إتِّجاه آخر، وهذا حقٌّ مكفولٌ للجميع، من باب الرَّأي والرَّأي الآخر، والأصحَّاء نفسيًّا وفكريًّا لا يضرُّهم الرَّأيُ المختلفُ عن رأيهم؛ طالما أنَّه في حدود الأدب .. والذَّوق .. واللِّيَاقَة،وألا نكون-مابين-إذا لم تكن معي فأنت ضدي، كما نشاهدُه في بعض القنوات الفضائيَّة المختلفةِ من رَكْلٍ ورَفْسٍ، في حال تصادُم الآراء.

ولا جديد في الكتابات الإعلاميَّة المملَّةِ، فما زالتِ الدَّعواتُ المكرُورةُ والمعادُةُ بين الفينة والأُخرى، ما تلبث أن تعود، فالزَّامِر القديم لا يزال يحاول رفعَ الصَّوت، ولكنَّه لم يعدْ يُطرِبُ كما كان سابقًا .. ولن يُطرِبَ إلَّا أشباهَهُ، وحقًّا (الطُّيورُ عَلَى أَشْكَالِهَا تَقَعُ).والطيور الشبيهة تبحث عن ثغرات عديمة ؛علها تفلح ،ولن تفلح.

وما أُثير بحقِّ الهيئةمؤخَّرًا، لا ينطبِق بشأنه من باب الرَّأي والرَّأي الآخر؛ لأنَّه محسومٌ بأمرٍ إلهيٍّ .. لا مجال للنِّقاش والجدال فيه أبدًا، قال تعالى في محكمِ التَّنزيل: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)) .. ((للهِ أَنْتُمْ كَيْفَ يَغْرَقُ مَرْكَبٌ … أَنْتُمْ بِهِ هَيْهَاتَ لَا لَنْ يُنخَرَا)). هذا؛ وأوَّل من مارس الحُسبةَفي التَّأريخ الإسلامي رسولُنا صلَّى الله عليه وسلَّم؛ حين كان يمشي في الأسواق؛ ويَنهى عن التَّطفيف في الكيل والميزان .. وينهى عن الغش .. ويأمر بغضِّ نظرِ الجالسين في الطُّرقات .. ويَحثُّ على إماطة الأذى عن الطَّريق.

فيأتي (الشَّيخُ حيران) ومن سار على نهجه من الحيارى السَّابقين واللَّاحقين بآراءَ أخرى غير ما أُنزِل في الكتاب والسُّنَّة، ما بين إلغاء الهيئة..أو تحجيمها..أو دمجِها مع جهة أخرى.. وغيرها من المطالبات السَّخيفة، والله يذكره بالخير الشمالي صالح الشيحي ..!!فكان رأيهم ـ على الرُّغم من الآيات القرآنيَّة الكريمة، والهديِّ النَّبويِّ الطَّاهر ـ في نظرهم هو الأصوب على الإطلاق؛ فلا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العلي العظيم؛ (وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي الأَفْهَامِ شَيءٌ … إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَلِيْلٍ).

رحم الله الأمير نايف حين ردَّ على أحد هؤلاء بقوله: (مستحيلٌ أنَّ مجلسَ الشُّورى لا يدعم الهيئةَ؛ الهيئةُ مدعومةٌ من كلِّ الجهات، الهيئةُ مرفقٌ هامٌّ يجب أن يُدعمَ من جميع النَّواحي، وأُحِبُّ أن أقولَ إنَّه يوجد استهدافٌ للأسف، وحتَّى من الإعلاميين يتلقَّطون السَّلبيَّات البسيطة وينفُخون فيها؛ حتَّى تكبُر، حتَّى يُسِؤون للهيئة!! هل يعلمون هؤلاء أنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنَّهيَّ عن المنكر ركنٌ من أركان الإسلام؟ الله عز وجلَّ يقول: ((الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ)) الآيةَ، إذا كنَّا مسلمين يجبُ أن نعرفَ هذا، وإذا كنَّا غيرَ مسلمين فهذا ليس وطنٌ لغير المسلمين!!). رحمك الله يا أمير (بِاللهِ لَفْظُكَ هَذَا سَالَ مِنْ عَسَلٍ … أَمْ قَدْ صَبَبْتَ عَلَى أَفْوَاهِنَا الْعَسَلَا؟)).

وأنتم يا مَن كَتبتُم ميثاقَكم في فضاءِ الفضيلة، ونَقشتُم عهدَكم في سماءِ الأخلاق، امتثالًا لأمره تعالى: ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)) الآيةَ؛ لابتغاء الأجر بعد الأجر، وقصدِ المثوبة في رخاءِ وشدَّةِ الأوقات، بالحكمة تارةً .. وبالموعظة الحسنة تارة أخرى..سيروا ولا تلتفتوا؛ لا يُشوِّه مقصدَكم قولُ الحاقدين .. أو يَشينُ فعلَكم حديثُ الجاحدين .. أو حتَّى زلَّةٍ أو تصرُّفٍ عابرٍ من المحتسبين .. لله درُّكم؛ تكتمون الألم في الصُّدور؛ لترسموا الأملَ على الثُّغور، تزرعون المحبَّة في الثَّرى؛ لتحصُدوا السَّعادة في الورى، نعم فقد طلبوا الثَّواب الكبير من المولى عزَّ وجلَّ، فتعِبوا وصبروا واحتسبوا من أجل ذلك، فهم نالوا الأُجرةَ قبل أن يجفَّ عرقُهم، ولكن يبقى الجزاء العظيم في شوق لنيله من ربِّ العالمين .. (مَنْ يَدْعُوْا لِلمَعْرُوْفِ يُجْزَ بِمِثْلِهِ … وَاللهُ أَكْثَرُ لِلفَتَى إِنْ أَكَثَرَا).

مقالات ذات صلة

‫9 تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    أستاذنا العزيز للأسف الشديد أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صارت مطية لكل كاتب مفلس ولكل كاتب منحرف الفكر وما خلف شتم الهيئة أعظم؛ فاتجاهاتهم لا تخفى عن عين حاذق فطن. .
    يا ليت ولي الأمر يحسم الأمر. ..
    فمن لديه نقد أو ملاحظة على الهيئة فعليه أن يتواصل مع رئيسها.
    جزاك الله خيرا

  2. لافض فوك.. كلامك في الصميم وياليت هؤلاء الليبراليون يصمتون ..

  3. شكراً لحراس الفضيلة على جهودهم التي تقلق مضاجع الباطل وأهله
    وشكراً للكلتب الفاضل
    والشكر موصول للصحيفة المتميزة (مكة) بدعمها للحق وقمعها للباطل.

  4. جزاك الله خير ..
    .وزادك الله رفعة ومهابة وفقها في الدين…..

  5. لله درك يابا محمد ماكتبت غير الصدق فانت قلم صادق اسال الله لك التوفيق

  6. شكراً لحراس الفضيلة
    وأسال الله العلي العظيم أن يرد كيد أعداء الدين في نحورهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى